– تغري فكرة تأسيس مشروع تجاري خاص الكثيرين، ويسعى إليها الكثيرون بحثًا عن الاستقلال المالي والمهني.
– وتؤكد الإحصائيات الأمريكية أن هذا الاتجاه آخذ في الازدياد، حيث جرى تأسيس أكثر من 5.5 مليون شركة جديدة في عام 2023 وحده.
– وقد تبدو ريادة الأعمال مسارًا سهلًا ومباشرًا، فهي تقوم على تحديد حاجة السوق وتقديم الحل المناسب، ثم تحقيق النجاح المالي.
– ولكن الحقيقة أكثر تعقيدًا، فغالبية المشاريع الصغيرة تواجه تحديات كبيرة تؤدي إلى فشلها خلال السنوات الأولى.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
– تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من نصف الشركات الصغيرة تغلق أبوابها قبل مرور خمس سنوات. ولا يقتصر الأمر على فشل المشروع فحسب، بل يعاني رواد الأعمال من ضغوط نفسية ومالية كبيرة.
– ورغم أن الأسباب التجارية، مثل ضعف التخطيط أو نقص التمويل، تلعب دورًا كبيرًا في هذا الفشل، إلا أن العوامل السلوكية تلعب دورًا لا يقل أهمية في تحديد مصير المشروع.
الفخاخ السلوكية التي تقود إلى الفشل
على الرغم من التزام رواد الأعمال بالنجاح، فإن بعض الأخطاء الشائعة المرتبطة بالسلوك والنفسية قد تعوق تقدمهم. سنتناول في هذا التقرير عشرة من هذه الأخطاء التي يجب تجنبها.
لماذا يفشل رواد الأعمال؟
1- سوء التقدير
يصعب للغاية التنبؤ بدقة بطبيعة العمل في وظيفة جديدة. فكثيرًا ما يجد المرء نفسه منغمسًا في مهام غير متوقعة، كأن ينتقل من مجال خدمة العملاء إلى عالم المحاسبة المعقد، أو يكتشف أن النجاح لا يتحقق بمجرد امتلاك المؤهلات اللازمة.
وغالبًا ما يقلل رواد الأعمال الجدد من حجم الجهد المبذول في بناء قاعدة عملاء أو إتمام صفقات، مما يؤدي بهم إلى الاستسلام بسبب عدم الاستعداد الكافي.
ويعتبر سوء التقدير هذا من أهم الأسباب التي تدفع أصحاب المشاريع الصغيرة إلى التخلي عن أحلامهم.
2- الثقة المفرطة
تُعد الثقة المفرطة سيفًا ذا حدين. فمن ناحية، تمثل الدافع وراء العديد من الإنجازات، إذ لا يقدم أحد على فتح عيادة أو متجر أو استديو دون أن يكون واثقًا من نجاحه.
ولكن من ناحية أخرى، قد تدفع الثقة المفرطة المرء إلى اتخاذ قرارات متهورة، حيث يتجاهل المخاطر المحتملة، ويقلل من أهمية بعض الخطوات، ويتخذ قرارات مبنية على توقعات غير واقعية بدلاً من الحقائق الموضوعية.
وبالتالي، فإن الثقة المفرطة، وإن كانت ضرورية، تحتاج إلى توازن لتجنب الوقوع في الأخطاء.
3- الخوف من الفشل
يسيطر الخوف على رواد الأعمال، خاصة الخوف من الخسارة المالية. وعندما تتجاوز النفقات الإيرادات، تتفاقم حدة هذا الخوف ويؤثر سلبًا على قدرة رواد الأعمال على اتخاذ القرارات المناسبة، مما يعرض أعمالهم لمزيد من المخاطر.
4- الرغبة في السيطرة الكاملة
غالبًا ما يشعر رواد الأعمال برغبة قوية في التحكم في كل جوانب أعمالهم، وهي صفة مفيدة في المراحل الأولى.
إلا أن هذه الرغبة قد تتحول إلى عائق في مراحل التوسع، إذ يؤدي الإصرار على الإمساك بكل خيوط العمل إلى إعاقة النمو والتوسع، ويحد من قدرة الفريق على الابتكار والتطور.
5- الطموح إلى تحقيق النمو السريع
غالبًا ما يدفع رواد الأعمال إلى التوسع السريع، إذ يعتبرونه مؤشراً بارزاً على النجاح.
ويزداد هذا الدافع بفعل المقارنات الاجتماعية، حيث يقيس رواد الأعمال إنجازاتهم بنجاحات الآخرين.
ونتيجة لذلك، يسعون إلى توسيع أعمالهم عن طريق شراء عقارات جديدة أو آلات متطورة، أو الانتشار في مناطق جغرافية أو خطوط خدمات جديدة، قبل أن يحين الوقت المناسب لذلك.
6- الحاجة إلى إرضاء الآخرين
قد يكون الاعتراف بالحاجة إلى المساعدة أمراً صعباً ومحرجًا، فالتوق الدائم إلى إرضاء الآخرين والحفاظ على صورة مثالية قد يُقيدك ويجعلك أسيرًا لرأيهم.
وغالبًا ما تمنعنا هذه الحاجة إلى الحصول على الموافقة، وخاصة في المجتمعات المحلية، من اتخاذ القرارات الصحيحة. فالكبرياء والعار والخوف من الانتقاد قد يحجبون عنّا الرؤية الواضحة.
7- التحيز التأكيدي
إننا نحن البشر مجبولون على اختيار المعلومات التي تؤكد معتقداتنا وأفكارنا، وتجاهل ما يتعارض معها.
وهذا يعني أننا نميل إلى التمسك بأفكارنا وخططنا، حتى لو كانت هناك أدلة واضحة على خطئها.
قد يؤدي هذا التحيز إلى التمسك بأساليب عمل غير فعّالة، وتجاهل الحلول البديلة.
8- مغالطة التكلفة الغارقة
من الصعب التخلي عن فكرة استثمرنا فيها وقتًا وجهدًا ومالًا كبيرًا، فنجد أنفسنا نستمِر في الإصرار عليها، حتى لو كانت النتائج غير مُرضية.
يجب أن ندرك أن الاستمرار في استثمار المزيد من الموارد في فكرة فاشلة هو نوع من الهدر.
لذلك، ينبغي علينا تقييم مشاريعنا بشكل دوري، كل شهر أو كل ربع سنة، لاتخاذ القرار الأنسب بشأنها.
9- تحيز التوقعات
يتوقع العديد من رواد الأعمال نتائج فورية، ولكن في الواقع يستغرق أي مشروع وقتًا لتنميته.
قد يدفعهم هذا التحيز للاستسلام بعد فترة قصيرة من الزمن، دون أن يمنحوا المشروع الوقت الكافي لتحقيق النجاح.
10- متلازمة المحتال
يشعر بعض رواد الأعمال بعدم كفايتهم، حيث يساورهم الظن أنهم يفتقرون إلى المؤهلات أو الخبرات اللازمة.
قد يؤدي هذا الشعور إلى تباطؤ في اتخاذ القرارات أو عدم الثقة في قدراتهم، رغم امتلاكهم كل ما يحتاجونه للنجاح.
كيف يمكن التغلب على الفخاخ السلوكية؟
فيما يلي بعض الاستراتيجيات التي يمكن لرواد الأعمال اتباعها لتجنب الفشل وتقليل المخاطر:
استراتيجيات قد تُجنّب رواد الأعمال الفشل
تبني عقلية الماراثون
يستوجب تحقيق النجاح في المشاريع قدرًا من الصبر والمثابرة، تمامًا كما في سباق الماراثون، فكثيرًا ما يعتقد رواد الأعمال أن النجاح يأتي بين ليلة وضحاها، وهو وَهْمٌ لا أساس له.
ومن خلال تبني عقلية الماراثون، يتعلم رواد الأعمال كيفية إدارة الوقت والتخطيط للمستقبل، مع إدراك أن طريق النجاح محفوف بالتحديات، وأن الصبر والمثابرة هما مفتاح تجاوز هذه التحديات وتحقيق الأهداف المنشودة.
تطوير مهارات التكيف
يمثل التكيف مع المتغيرات السريعة في السوق أحد أكبر التحديات التي تواجه رواد الأعمال.
لذا، يتعين على رواد الأعمال تطوير مهارات التأقلم، والتي تشمل القدرة على تغيير الأولويات وفقا لما يستجد من معلومات، واللجوء إلى أصحاب الخبرات، والتريث للتفكير والتقييم.
ولا يخفى على أحد إن القدرة على التكيف هي مفتاح الاستمرار والنجاح في بيئة أعمال ديناميكية ومليئة بالتحديات.
الوعي الذاتي والتحليل الدوري
من الضروري أن يتأمل رواد الأعمال في قراراتهم وأدائهم بشكل دوري. يمكن لرائد الأعمال تحسين مهاراته واتخاذ قرارات مدروسة أكثر، من خلال الاستماع إلى النقد البناء وتطوير الوعي الذاتي.
تأمل يوميًا في الأساليب التي اتبعتها في العمل، وابحث عن فرص لتحسين استراتيجياتك بناءً على الدروس المستفادة.
الاعتماد على المعلومات والبيانات
يتعين على رواد الأعمال الاستناد إلى المعلومات والبيانات الواقعية بدلاً من الاعتماد على الحدس أو المشاعر.
من خلال تحليل السوق، ورصد المنافسين، وفهم اتجاهات المستهلكين، يمكن للرائد اتخاذ قرارات استنادًا إلى معلومات دقيقة، مما يقلل من المخاطر ويزيد من فرص النجاح.
يمكن أن يساعد الاعتماد على الأدوات المالية والسوقية المتاحة في تجنب الكثير من الأخطاء الشائعة.
المصدر: سيكولوجي توداي