Fx Forsa

الرئيسيةالأخبار الأقتصادية‏المطارات الكبرى حول العالم .. هل هي مراكز مالية أم بوابات سفر؟

‏المطارات الكبرى حول العالم .. هل هي مراكز مالية أم بوابات سفر؟

-

‏المطارات الكبرى حول العالم .. هل هي مراكز مالية أم بوابات سفر؟

الكاتب:

{pubdate}

في صالة واسعة تتلألأ أضواؤها تحت سقف زجاجي ضخم، يراجع رجل أعمال أوروبي ملفات على حاسوبه المحمول جالسًا على أحد المقاعد الوثيرة، بينما يستعد لاجتماع يُعقد في الطابق العلوي داخل قاعة مؤتمرات مجهزة بأحدث التقنيات.

وعلى الجهة الأخرى، تصطف متاجر العلامات التجارية العالمية بجانب صالات حرة للتجارة، حيث تُبرم عقود بملايين الدولارات بعيدًا عن ضجيج الطائرات.

هذه هي بعض كواليس مطار شنغهاي بودونغ الدولي حيث لا يبدو أنه مجرد محطة انتظار للمسافرين، فبينما تُقلع الطائرات واحدة تلو الأخرى، تُعقد في الطابق العلوي اجتماعات بين رجال أعمال يابانيين وأوروبيين داخل قاعات مجهزة بأحدث التقنيات.

وفي ممرات الشحن، تتحرك الحاويات بسرعة محمّلة ببضائع إلكترونية ومنتجات طبية تتجه مباشرة إلى الأسواق العالمية.

وعلى بعد خطوات قليلة، تمتد منطقة التجارة الحرة المتصلة بالمطار، حيث تُبرم عقود توريد بملايين الدولارات، وتُخزّن سلع تنتقل مباشرة من الممرات الجوية إلى الأسواق العالمية.

ما يجري في مطار شنغهاي بات مشهدًا متكررًا في العديد من مطارات العالم الكبرى حيث لا ينتهي دور المطار عند ختم جواز السفر، بل يبدأ من لحظة الهبوط عالم كامل من الصفقات والفرص، مما يجعل من المطار نفسه مدينة أعمال مصغّرة تعيش على مدار الساعة.

وتعاملت المطارات مع نحو 8.7 مليار مسافر في عام 2023، وما يقارب من 100 مليون حركة طيران، وأسهمت بما يقارب 4.1 تريليون دولار أمريكي (3.9% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي)، كما دعمت نحو 86.5 مليون وظيفة حول العالم.

ربط القارات والثقافات

تُعد بعض المطارات حول العالم نماذج بارزة في مجال الربط الدولي وحركة المسافرين.

ويأتي في مقدمتها مطار (هارتسفيلد-جاكسون) أتلانتا الدولي، الذي يحتفظ بلقب المطار الأكثر ازدحامًا في العالم من حيث عدد المسافرين، وسجل نحو 108.1 مليون مسافر في عام 2024.

ويُعد هذا المطار مركزًا ضخمًا للرحلات الداخلية والدولية، خاصة لشركة دلتا إيرلاينز، حيث يقدّم أكثر من ألف رحلة يوميًا إلى 225 وجهة مختلفة.

أكثر 10 مطارات ازدحامًا في العالم خلال عام 2024 بحسب مجلس المطارات الدولي:

الترتيب

المطار

الدولة

عدد المسافرين (مليون)

1

أتلانتا

الولايات المتحدة

108.1

2

دبي

الإمارات العربية المتحدة

92.3

3

دالاس/فورت وورث

الولايات المتحدة

87.8

4

طوكيو

اليابان

85.9

5

لندن

المملكة المتحدة

83.9

6

دنفر

الولايات المتحدة

82.4

7

إسطنبول

تركيا

80.1

8

شيكاغو

الولايات المتحدة

80.0

9

نيودلهي

الهند

77.8

10

شنغهاي

الصين

76.8

أما مطار دبي الدولي فيتصدر قائمة أكثر مطارات العالم ازدحامًا من حيث الرحلات الدولية، إذ استقبل أكثر من 92.3 مليون مسافر خلال عام 2024.

ويُشكّل هذا المطار جسرًا حيويًا يربط بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، مع شبكة تضم أكثر من 270 وجهة، كما يسهم بنحو 27% من الناتج المحلي الإجمالي لإمارة دبي ويوفر عشرات الآلاف من فرص العمل.

وتبرز أيضًا مجموعة من المطارات العالمية الأخرى مثل هيثرو في لندن، وإنتشون في سيول، وشانغي في سنغافورة، وسخيبول في أمستردام، وشارل ديجول في باريس، حيث تتميز جميعها بمواقعها الاستراتيجية وقدرتها المستمرة على التوسع وتطوير بنيتها التحتية.

وتُجسد هذه المطارات بحق مفهوم البوابات العالمية للسفر، فهي لا تقتصر على تسهيل حركة السياحة فحسب، بل تُعزز أيضًا تدفقات الأعمال والتجارة، لتصبح شرايين أساسية في شبكة الاقتصاد العالمي.

محركات التجارة العالمية

بالنسبة للعديد من المطارات حول العالم، لا تقل عمليات الشحن الجوي أهمية عن حركة الركاب، بل تشكّل في بعض الأحيان شريانها الاقتصادي الأساسي.

ويبرز في هذا السياق مطار هونج كونج الدولي، الذي يحتفظ منذ أعوام طويلة بلقب المطار الأكثر ازدحامًا في العالم من حيث حجم الشحن الجوي.

ففي عام 2023، تعامل المطار مع ما يقارب 4.3 مليون طن متري من البضائع، وفقًا لمجلس المطارات الدولي.

ويلعب المطار دورًا محوريًا في حركة التجارة العالمية، لاسيما في قطاعات الإلكترونيات وأشباه الموصلات والمنتجات ذات القيمة العالية، مدعومًا ببنية تحتية متطورة وخدمات جمركية تعمل على مدار الساعة لضمان السرعة والكفاءة في تدفق السلع.

وفي الولايات المتحدة، يبرز مطار ممفيس الدولي باعتباره المركز الرئيسي لشركة فيديكس إكسبريس، أكبر شركة للشحن السريع في العالم.

وقد تعامل المطار مع ما يقارب 4.2 مليون طن متري من الشحن الجوي في 2023، ما يجعله منافسًا مباشرًا لهونغ كونغ على الصدارة.

ويُعد ممفيس نموذجًا لمطار لا يعتمد على حركة الركاب في المقام الأول، بل على كونه مركزًا لوجستيًا عالميًا يربط بين القارات عبر شبكة متكاملة من الطائرات والبنى التحتية المخصصة للشحن.

أما في الصين، فيبرز مطار شنغهاي بودونغ الذي تعامل مع أكثر من 3.1 مليون طن متري من البضائع في 2023، ليصبح أحد المحاور الرئيسية في حركة التجارة الآسيوية والدولية.

وتكمن أهميته في موقعه الاستراتيجي كبوابة لأسواق الصين العملاقة، وفي دوره الحيوي في سلاسل التوريد العالمية، خصوصًا في قطاع التجارة الإلكترونية الذي يشهد نموًا متسارعًا بفضل شركات مثل “علي بابا” و”جيه دي دوت كوم”.

تُظهر هذه الأمثلة أن بعض المطارات لا تُبنى لتكون ممرات للمسافرين فقط، بل تتحول إلى محركات لوجستية وتجارية لا غنى عنها للاقتصاد العالمي، فهي تسهّل حركة البضائع بنفس القدر الذي تسهّل فيه حركة البشر، وتدعم سلاسل الإمداد الدولية حول العالم.

تفوق مزدوج.. الركاب والشحن معًا

تُظهر بعض المطارات تفوقًا مزدوجًا في حركة الركاب والشحن معًا، وهو ما يجعلها نماذج متكاملة للبنية التحتية العالمية.

فعلى سبيل المثال، يُعد مطار شنغهاي بودونغ مركزًا رئيسيًا لكلٍّ من المسافرين والبضائع الدولية.

ويستضيف المطار قواعد تشغيلية لعمالقة الشحن مثل فيديكس، ودي اتش ال ليصبح أكبر مركز للشحن السريع في آسيا، إلى جانب كونه أحد أكثر المطارات ازدحامًا في الصين من حيث عدد المسافرين.

أما مطار سنغافورة شانغي، فهو مثال آخر على تكامل الأدوار؛ إذ استقبل نحو 67.7 مليون مسافر في عام 2024 بحسب بيانات هيئة الطيران المدني في سنغافورة، معززًا سمعته كأحد أفضل مطارات العالم من حيث تجربة الركاب.

ولا يقتصر تأثيره على النقل فحسب، بل يمتد إلى الاقتصاد الوطني، حيث يُقدَّر إسهامه بحوالي 13.3 مليار دولار أمريكي ويوفر أكثر من 119 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة، ما يجعله محركًا اقتصاديًا لا غنى عنه لسنغافورة.

وعلى الجانب الآخر من المحيط الهادئ، يلعب مطار لوس أنجلوس الدولي دورًا محوريًا كالبوابة الرئيسية للساحل الغربي الأمريكي، فقد تعامل في 2024 مع نحو 77 مليون مسافر، كما يحتل موقعًا متقدمًا في حركة الشحن الجوي.

وتُقدَّر مساهمته الاقتصادية بنحو 100 مليار دولار سنويًا، وهو ما يوضح كيف يمكن لمطار أن يكون بمثابة اقتصاد مصغّر داخل مدينة كبرى.

المطارات كمحفزات مالية وابتكارية

ورغم أن المطارات ليست مراكز مالية بالمعنى التقليدي، فإنها تمكّن النشاط المالي العالمي عبر دورها الحيوي في ربط الأسواق، فبفضل هذه الممرات الجوية، تُعقد الصفقات الدولية وتُبرم الاجتماعات العابرة للقارات بسرعة وكفاءة.

كما تدعم المطارات الاستثمار الأجنبي المباشر؛ إذ تُظهر الدراسات أن زيادة الاتصال الجوي بنسبة 10% تؤدي عادةً إلى ارتفاع حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة تقارب 4.7%، ونمو الناتج المحلي الإقليمي بمعدل يصل إلى 0.5%.

هذا التأثير يجعل من المطارات أدوات غير مباشرة لتعزيز تدفقات رأس المال والنشاط التجاري عبر الحدود.

إلى جانب ذلك، تمثل الابتكارات التقنية التي تُطبّق في المطارات مثل أنظمة الأمن البيومتري، وحلول إنترنت الأشياء، جزءًا من التحولات التي تشهدها المدن الذكية عالميًا، بما يعزز اتجاهات التمويل والاستثمار في مجالات التكنولوجيا والطاقة النظيفة.

في النهاية، لم تعد المطارات مجرد ساحات انتظار أو نقاط عبور عابرة، بل تحولت إلى قلاع اقتصادية عابرة للحدود، وباتت اليوم شرايين نابضة تنقل أكثر من أربعة تريليونات دولار إلى الاقتصاد العالمي سنويًا، وتعيد رسم خريطة التجارة والاستثمار والتكنولوجيا.

فبينما تحقق مطارات مثل شنغهاي وممفيس أرقامًا قياسية في الشحن، تساهم مطارات أخرى مثل أتلانتا ودبي وهيثرو في إعادة تشكيل حركة رؤوس الأموال والثروات عالميًا.

وعليه، يمكن القول إن المطارات ليست مراكز مالية بالمعنى المباشر، لكنها البنية التحتية التي تجعل تدفق الأموال والتجارة ممكنًا، ما يجعلها أحد أعمدة النظام الاقتصادي الحديث.

المصادر: أرقام- أسوشيتد برس- تايمز أوف إنديا- سي إن ترافيلر- ذا صن- مجلس المطارات الدولي- سي إن بي سي

اقرأ الخبر من المصدر

مختارات التحليل والأخبار الأقتصادية

أخر الأخبار

- Advertisement -spot_img

‏المطارات الكبرى حول العالم .. هل هي مراكز مالية أم بوابات سفر؟

الكاتب:

{pubdate}

في صالة واسعة تتلألأ أضواؤها تحت سقف زجاجي ضخم، يراجع رجل أعمال أوروبي ملفات على حاسوبه المحمول جالسًا على أحد المقاعد الوثيرة، بينما يستعد لاجتماع يُعقد في الطابق العلوي داخل قاعة مؤتمرات مجهزة بأحدث التقنيات.

وعلى الجهة الأخرى، تصطف متاجر العلامات التجارية العالمية بجانب صالات حرة للتجارة، حيث تُبرم عقود بملايين الدولارات بعيدًا عن ضجيج الطائرات.

هذه هي بعض كواليس مطار شنغهاي بودونغ الدولي حيث لا يبدو أنه مجرد محطة انتظار للمسافرين، فبينما تُقلع الطائرات واحدة تلو الأخرى، تُعقد في الطابق العلوي اجتماعات بين رجال أعمال يابانيين وأوروبيين داخل قاعات مجهزة بأحدث التقنيات.

وفي ممرات الشحن، تتحرك الحاويات بسرعة محمّلة ببضائع إلكترونية ومنتجات طبية تتجه مباشرة إلى الأسواق العالمية.

وعلى بعد خطوات قليلة، تمتد منطقة التجارة الحرة المتصلة بالمطار، حيث تُبرم عقود توريد بملايين الدولارات، وتُخزّن سلع تنتقل مباشرة من الممرات الجوية إلى الأسواق العالمية.

ما يجري في مطار شنغهاي بات مشهدًا متكررًا في العديد من مطارات العالم الكبرى حيث لا ينتهي دور المطار عند ختم جواز السفر، بل يبدأ من لحظة الهبوط عالم كامل من الصفقات والفرص، مما يجعل من المطار نفسه مدينة أعمال مصغّرة تعيش على مدار الساعة.

وتعاملت المطارات مع نحو 8.7 مليار مسافر في عام 2023، وما يقارب من 100 مليون حركة طيران، وأسهمت بما يقارب 4.1 تريليون دولار أمريكي (3.9% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي)، كما دعمت نحو 86.5 مليون وظيفة حول العالم.

ربط القارات والثقافات

تُعد بعض المطارات حول العالم نماذج بارزة في مجال الربط الدولي وحركة المسافرين.

ويأتي في مقدمتها مطار (هارتسفيلد-جاكسون) أتلانتا الدولي، الذي يحتفظ بلقب المطار الأكثر ازدحامًا في العالم من حيث عدد المسافرين، وسجل نحو 108.1 مليون مسافر في عام 2024.

ويُعد هذا المطار مركزًا ضخمًا للرحلات الداخلية والدولية، خاصة لشركة دلتا إيرلاينز، حيث يقدّم أكثر من ألف رحلة يوميًا إلى 225 وجهة مختلفة.

أكثر 10 مطارات ازدحامًا في العالم خلال عام 2024 بحسب مجلس المطارات الدولي:

الترتيب

المطار

الدولة

عدد المسافرين (مليون)

1

أتلانتا

الولايات المتحدة

108.1

2

دبي

الإمارات العربية المتحدة

92.3

3

دالاس/فورت وورث

الولايات المتحدة

87.8

4

طوكيو

اليابان

85.9

5

لندن

المملكة المتحدة

83.9

6

دنفر

الولايات المتحدة

82.4

7

إسطنبول

تركيا

80.1

8

شيكاغو

الولايات المتحدة

80.0

9

نيودلهي

الهند

77.8

10

شنغهاي

الصين

76.8

أما مطار دبي الدولي فيتصدر قائمة أكثر مطارات العالم ازدحامًا من حيث الرحلات الدولية، إذ استقبل أكثر من 92.3 مليون مسافر خلال عام 2024.

ويُشكّل هذا المطار جسرًا حيويًا يربط بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، مع شبكة تضم أكثر من 270 وجهة، كما يسهم بنحو 27% من الناتج المحلي الإجمالي لإمارة دبي ويوفر عشرات الآلاف من فرص العمل.

وتبرز أيضًا مجموعة من المطارات العالمية الأخرى مثل هيثرو في لندن، وإنتشون في سيول، وشانغي في سنغافورة، وسخيبول في أمستردام، وشارل ديجول في باريس، حيث تتميز جميعها بمواقعها الاستراتيجية وقدرتها المستمرة على التوسع وتطوير بنيتها التحتية.

وتُجسد هذه المطارات بحق مفهوم البوابات العالمية للسفر، فهي لا تقتصر على تسهيل حركة السياحة فحسب، بل تُعزز أيضًا تدفقات الأعمال والتجارة، لتصبح شرايين أساسية في شبكة الاقتصاد العالمي.

محركات التجارة العالمية

بالنسبة للعديد من المطارات حول العالم، لا تقل عمليات الشحن الجوي أهمية عن حركة الركاب، بل تشكّل في بعض الأحيان شريانها الاقتصادي الأساسي.

ويبرز في هذا السياق مطار هونج كونج الدولي، الذي يحتفظ منذ أعوام طويلة بلقب المطار الأكثر ازدحامًا في العالم من حيث حجم الشحن الجوي.

ففي عام 2023، تعامل المطار مع ما يقارب 4.3 مليون طن متري من البضائع، وفقًا لمجلس المطارات الدولي.

ويلعب المطار دورًا محوريًا في حركة التجارة العالمية، لاسيما في قطاعات الإلكترونيات وأشباه الموصلات والمنتجات ذات القيمة العالية، مدعومًا ببنية تحتية متطورة وخدمات جمركية تعمل على مدار الساعة لضمان السرعة والكفاءة في تدفق السلع.

وفي الولايات المتحدة، يبرز مطار ممفيس الدولي باعتباره المركز الرئيسي لشركة فيديكس إكسبريس، أكبر شركة للشحن السريع في العالم.

وقد تعامل المطار مع ما يقارب 4.2 مليون طن متري من الشحن الجوي في 2023، ما يجعله منافسًا مباشرًا لهونغ كونغ على الصدارة.

ويُعد ممفيس نموذجًا لمطار لا يعتمد على حركة الركاب في المقام الأول، بل على كونه مركزًا لوجستيًا عالميًا يربط بين القارات عبر شبكة متكاملة من الطائرات والبنى التحتية المخصصة للشحن.

أما في الصين، فيبرز مطار شنغهاي بودونغ الذي تعامل مع أكثر من 3.1 مليون طن متري من البضائع في 2023، ليصبح أحد المحاور الرئيسية في حركة التجارة الآسيوية والدولية.

وتكمن أهميته في موقعه الاستراتيجي كبوابة لأسواق الصين العملاقة، وفي دوره الحيوي في سلاسل التوريد العالمية، خصوصًا في قطاع التجارة الإلكترونية الذي يشهد نموًا متسارعًا بفضل شركات مثل “علي بابا” و”جيه دي دوت كوم”.

تُظهر هذه الأمثلة أن بعض المطارات لا تُبنى لتكون ممرات للمسافرين فقط، بل تتحول إلى محركات لوجستية وتجارية لا غنى عنها للاقتصاد العالمي، فهي تسهّل حركة البضائع بنفس القدر الذي تسهّل فيه حركة البشر، وتدعم سلاسل الإمداد الدولية حول العالم.

تفوق مزدوج.. الركاب والشحن معًا

تُظهر بعض المطارات تفوقًا مزدوجًا في حركة الركاب والشحن معًا، وهو ما يجعلها نماذج متكاملة للبنية التحتية العالمية.

فعلى سبيل المثال، يُعد مطار شنغهاي بودونغ مركزًا رئيسيًا لكلٍّ من المسافرين والبضائع الدولية.

ويستضيف المطار قواعد تشغيلية لعمالقة الشحن مثل فيديكس، ودي اتش ال ليصبح أكبر مركز للشحن السريع في آسيا، إلى جانب كونه أحد أكثر المطارات ازدحامًا في الصين من حيث عدد المسافرين.

أما مطار سنغافورة شانغي، فهو مثال آخر على تكامل الأدوار؛ إذ استقبل نحو 67.7 مليون مسافر في عام 2024 بحسب بيانات هيئة الطيران المدني في سنغافورة، معززًا سمعته كأحد أفضل مطارات العالم من حيث تجربة الركاب.

ولا يقتصر تأثيره على النقل فحسب، بل يمتد إلى الاقتصاد الوطني، حيث يُقدَّر إسهامه بحوالي 13.3 مليار دولار أمريكي ويوفر أكثر من 119 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة، ما يجعله محركًا اقتصاديًا لا غنى عنه لسنغافورة.

وعلى الجانب الآخر من المحيط الهادئ، يلعب مطار لوس أنجلوس الدولي دورًا محوريًا كالبوابة الرئيسية للساحل الغربي الأمريكي، فقد تعامل في 2024 مع نحو 77 مليون مسافر، كما يحتل موقعًا متقدمًا في حركة الشحن الجوي.

وتُقدَّر مساهمته الاقتصادية بنحو 100 مليار دولار سنويًا، وهو ما يوضح كيف يمكن لمطار أن يكون بمثابة اقتصاد مصغّر داخل مدينة كبرى.

المطارات كمحفزات مالية وابتكارية

ورغم أن المطارات ليست مراكز مالية بالمعنى التقليدي، فإنها تمكّن النشاط المالي العالمي عبر دورها الحيوي في ربط الأسواق، فبفضل هذه الممرات الجوية، تُعقد الصفقات الدولية وتُبرم الاجتماعات العابرة للقارات بسرعة وكفاءة.

كما تدعم المطارات الاستثمار الأجنبي المباشر؛ إذ تُظهر الدراسات أن زيادة الاتصال الجوي بنسبة 10% تؤدي عادةً إلى ارتفاع حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة تقارب 4.7%، ونمو الناتج المحلي الإقليمي بمعدل يصل إلى 0.5%.

هذا التأثير يجعل من المطارات أدوات غير مباشرة لتعزيز تدفقات رأس المال والنشاط التجاري عبر الحدود.

إلى جانب ذلك، تمثل الابتكارات التقنية التي تُطبّق في المطارات مثل أنظمة الأمن البيومتري، وحلول إنترنت الأشياء، جزءًا من التحولات التي تشهدها المدن الذكية عالميًا، بما يعزز اتجاهات التمويل والاستثمار في مجالات التكنولوجيا والطاقة النظيفة.

في النهاية، لم تعد المطارات مجرد ساحات انتظار أو نقاط عبور عابرة، بل تحولت إلى قلاع اقتصادية عابرة للحدود، وباتت اليوم شرايين نابضة تنقل أكثر من أربعة تريليونات دولار إلى الاقتصاد العالمي سنويًا، وتعيد رسم خريطة التجارة والاستثمار والتكنولوجيا.

فبينما تحقق مطارات مثل شنغهاي وممفيس أرقامًا قياسية في الشحن، تساهم مطارات أخرى مثل أتلانتا ودبي وهيثرو في إعادة تشكيل حركة رؤوس الأموال والثروات عالميًا.

وعليه، يمكن القول إن المطارات ليست مراكز مالية بالمعنى المباشر، لكنها البنية التحتية التي تجعل تدفق الأموال والتجارة ممكنًا، ما يجعلها أحد أعمدة النظام الاقتصادي الحديث.

المصادر: أرقام- أسوشيتد برس- تايمز أوف إنديا- سي إن ترافيلر- ذا صن- مجلس المطارات الدولي- سي إن بي سي

اقرأ الخبر من المصدر

Must Read

- Advertisement -spot_img

Editor Picks

هل تحتاج مساعدة لاختيار الباقة الأنسب لك؟