Fx Forsa

الرئيسيةالأخبار الأقتصادية‏هوس الثراء السريع في سوق الأسهم .. وباء نفسي يطارد المستثمرين

‏هوس الثراء السريع في سوق الأسهم .. وباء نفسي يطارد المستثمرين

-

‏هوس الثراء السريع في سوق الأسهم .. وباء نفسي يطارد المستثمرين

الكاتب:

{pubdate}

عيون تائهة، وأصابع متشنجة تتنقل بين أزرار البيع والشراء، وقلوب مثقلة بالندم بعد تبخر حلم الثراء السريع في دقائق، ووجوه تعلوها ملامح الحزن أمام شاشات التداول.

هذه هي بعض المشاهد المعتادة كلما انجرف المستثمرون وراء وهم المكاسب الخاطفة، فيكتشفون متأخرين أن الطريق إلى الثروة لم يكن سوى فخ نفسي واقتصادي.

وسرعان ما تتحول ما يراها البعض فرصة العمر إلى كارثة شخصية، تنهار معها المدخرات، وتتكسر الأحلام على صخرة الواقع القاسي، لتبقى الحسرة والديون رفيقًا ثقيلاً يلاحق أصحابه أينما ذهبوا.

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

واقع هؤلاء المستثمرين ليس حادثًا عابرًا، بل هو انعكاس لوباء نفسي يتسع نطاقه يومًا بعد يوم، حيث باتت الرغبة المحمومة في تحقيق المكاسب السريعة في أسواق الأسهم تحاصر المستثمرين وتطاردهم كظل لا ينفك عنهم.

هذا الرهان القصير الأجل أصبح أكثر وضوحًا مع انتشار قصص الذين تحولوا إلى مليونيرات بين ليلة وضحاها عبر منصات التداول ووسائل التواصل الاجتماعي، لتغذي وهمًا بأن الثروة لا تبعد سوى صفقة واحدة أو سهم واحد.

لكن خلف العناوين البراقة والمنشورات المتزايدة لتلك القصص هوس غير صحي بـ “الثراء السريع” يترك المستثمرين عالقين في دوامة من التوتر والندم والخسائر المالية.

استثمار أكثر سهولة

ومع هذا الاندفاع المحموم جاءت التكنولوجيا لتعطيه وقودًا إضافيًا عبر منصات التداول المجانية وتطبيقات الهواتف، مما جعل الاستثمار في أسواق المال أكثر سهولة من أي وقت مضى.

وفي هذا السياق، تكشف البيانات عن طفرة هائلة في حجم التداول عبر المنصات الرقمية الحديثة؛ إذ ارتفع متوسط التداول اليومي عبر تطبيقات مثل روبن هود وإي تورو لتصل إلى مليارات الدولارات يوميًا في الولايات المتحدة وحدها.

كما تشير تقديرات ديلويت إلى أن أكثر من 55% من المستثمرين الأفراد عالميًا أصبحوا يعتمدون على التطبيقات الرقمية كمنصتهم الأساسية للتداول.

هذه الأرقام تعكس انتقال جزء كبير من السيولة من القنوات التقليدية – كالبنوك وشركات الوساطة الكلاسيكية – إلى منصات أكثر آنية وتفاعلية، لكنها في الوقت ذاته أكثر عرضة للتقلبات الحادة والقرارات العاطفية.

ورغم أن انتشار التداول هو عادة يُشاد بها في معظم الأحيان، فإنها غذّت أيضًا سلوكيات المضاربة وخاصة بين فئات الشباب.

وأظهر استطلاع أجرته شركة تشارلز شواب للأبحاث عام 2023 أن ما يقارب 48% من المستثمرين من جيل الألفية وجيل زد يعترفون بأنهم يتداولون الأسهم والعملات الرقمية بدافع “الحصول على ربح سريع” أكثر من بناء ثروة طويلة الأجل.

ويزيد من هذه النزعة الانتشار المتسارع لما يُعرف بالمؤثرين الماليين على منصات مثل تيك توك ويوتيوب وإكس (تويتر سابقًا).

ووفقًا لتقرير ديلويت في 2024، فإن نحو 70% من المستثمرين الأفراد تحت سن 35 عامًا يعتبرون وسائل التواصل الاجتماعي مصدرهم الأساسي للمعلومات المالية.

وتكمن المشكلة في أن هذه المصادر تسلط الضوء على قصص الربح الضخم وتتجاهل الأغلبية التي تخسر أموالها، مما يغذي ما يُعرف بـ “انحياز البقاء”، أي التركيز على الناجحين وتجاهل الخاسرين.

مخاطر نفسية جراء هذا الهوس

وتؤكد البيانات حجم المخاطر التي يتعرض لها المستثمرون المنجذبون لتلك القصص، فقد نشرت هيئة تنظيم الصناعة المالية الأمريكية دراسة في 2023 أشارت إلى أن 70% تقريبًا من المتداولين النشطين يخسرون المال كل ربع سنة.

في حين خلصت دراسة أخرى أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن 1% فقط من المتداولين اليوميين يحققون أداءً يتفوق على السوق بشكل مستمر بعد احتساب الرسوم والضرائب، ورغم هذه الحقائق القاتمة، يستمر حلم “هزيمة السوق في جذب ملايين المستثمرين.

أما على المستوى النفسي، فقد وصفت الدراسات هذه الظاهرة بأنها تشبه إدمان القمار، حيث يؤدي إفراز الدوبامين عند تحقيق الأرباح إلى إبقاء المتداولين عالقين في الحلقة رغم تكرار الخسائر.

وكما هو الحال في ألعاب القمار، فإن الدماغ البشري يتأثر بما يُعرف بـ”انحياز المكافأة المتقطعة”، أي أن الفوز القليل وغير المنتظم يُبقي المتداولين متشبثين بالأمل في ربح أكبر، حتى لو كانت خسائرهم أكبر بكثير.

وقد شبه خبراء الاقتصاد السلوكي منصات التداول الرقمية بماكينة قمار إلكترونية حديثة، حيث تكفي ضغطة زر واحدة ليشعر المستثمر باندفاع الأدرينالين، فيبقى عالقًا في حلقة الإدمان.

ووفقًا لتقرير الجمعية الأميركية لعلم النفس (APA) في 2024، فإن 60% تقريبًا من المستثمرين الأفراد النشطين يعانون من ارتفاع مستويات القلق والضغط النفسي المرتبط بالتداول، مع تأثيرات تمتد إلى اضطرابات النوم وتوتر العلاقات الأسرية.

تكلفة اجتماعية تتجاوز الأفراد

لا يقتصر أثر الهوس على الحسابات المصرفية والصحة النفسية فحسب، بل يمتد إلى نسيج المجتمع نفسه.

فقد أظهرت أبحاث أكاديمية في بريطانيا والولايات المتحدة أن خسائر الاستثمار السريع تُضعف قدرة الأسر على الادخار للتقاعد أو التعليم، وتزيد الاعتماد على القروض قصيرة الأجل.

وبذلك يتحول حلم الثروة الفردية إلى عبء جماعي يُضعف الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي على المدى الطويل.

وقد انعكس هذا الهوس بشكل واضح على الأسواق العالمية، ففي موجة أسهم “الميم” مثل جيم ستوب وإيه إم سي بين 2021 و2022، أظهر المستثمرون الأفراد قوة جماعية هائلة، لكن الكثير منهم تكبد خسائر فادحة عند انهيار الأسعار.

وتشير بيانات فاندا ريسرش إلى أن المستثمرين الأفراد خسروا أكثر من 40 مليار دولار في أسهم الميم بين 2021 و2023، لتبقى ذكرى مؤلمة بأن الأسعار لا ترحم وأن من ارتفع بسرعة غالبًا ما ينهار بالسرعة ذاتها.

وفي آسيا، يظهر المشهد بنفس الحدة، ففي الصين، يشكل المستثمرون الأفراد أكثر من 80% من حجم التداول اليومي في البورصات، وغالبًا ما يتبعون الشائعات والموجات قصيرة الأجل.

أما في الهند، فقد شهدت طفرة هائلة في أعداد المستثمرين الجدد بعد الجائحة، إذ سجلت هيئة الأوراق المالية والبورصات الهندية فتح 44 مليون حساب تداول جديد بين 2020 و2023، لكن تكبد الكثير منهم خسائر كبيرة عند مع أول هبوط حاد للأسواق.

وتكمن الخطورة ليس فقط في الخسائر المالية، بل في تآكل السلوك العقلاني، فعندما يسعى المستثمر وراء الثروة السريعة، غالبًا ما يهمل مبادئ التنويع والصبر وإدارة المخاطر.

ويحذر الخبراء من أن هذا الوباء السلوكي لا يهدد الاستقرار المالي للأفراد فحسب، بل قد يؤثر على استقرار الأسواق ككل.

ويرى خبراء الاقتصاد السلوكي أن الحل يكمن في تعزيز الثقافة المالية والتأكيد على استراتيجيات الاستثمار طويلة الأجل.

وتُظهر دراسات نشرها كل من موقعي فانجارد ومورننجستار بشكل متكرر أن المستثمرين الذين يتبنون نهجًا منضبطًا ومتنوعًا وصبورًا يحققون عوائد تفوق مكاسب المضاربين على المدى الطويل.

في النهاية، يظل سوق الأسهم طريقًا مشروعًا لبناء الثروة، لكنه طريق وعر لا يُختصر بضغط زر ولا بصفقة عابرة.

فالهوس بالثراء السريع حوّل هذا الطريق إلى هاوية يسقط فيها من يطارد السراب، بينما ينجو فقط من أدرك أن الاستثمار ليس مقامرة لحظية، بل رحلة طويلة تحتاج صبرًا وانضباطًا ورؤية أبعد من تقلبات اللحظة.

والتحدي الحقيقي أمام المستثمر ليس في اختيار السهم الرابح فحسب، بل في كبح جماح الطمع، لأن الازدهار المستدام لا يُولد من اندفاع، بل من حكمة تترسخ مع الزمن.

وبينما ينجرف ملايين الأفراد خلف قصص الثراء السريع، يكرر الخبراء نصيحة بسيطة لكنها جوهرية: اجعل الاستثمار مثل الزراعة لا مثل الصيد.

فالزراعة تحتاج صبرًا ومتابعة واستعدادًا لتقلبات الطقس، لكنها في النهاية تمنح حصادًا مستدامًا، أما الصيد السريع فقد يمنح وجبة عابرة لكنه يترك الجوع قائمًا.

المصادر: أرقام- بلومبرج- تشارلز شواب- ديلويت- هيئة تنظيم الصناعة المالية الأمريكية- دراسة جامعة كاليفورنيا- تقرير الجمعية الأميركية لعلم النفس- أبحاث فاندا ريسيرش- هيئة الأوراق المالية والبورصات الهندية – أبحاث فانجارد- مورننجستار

اقرأ الخبر من المصدر

مختارات التحليل والأخبار الأقتصادية

أخر الأخبار

- Advertisement -spot_img

‏هوس الثراء السريع في سوق الأسهم .. وباء نفسي يطارد المستثمرين

الكاتب:

{pubdate}

عيون تائهة، وأصابع متشنجة تتنقل بين أزرار البيع والشراء، وقلوب مثقلة بالندم بعد تبخر حلم الثراء السريع في دقائق، ووجوه تعلوها ملامح الحزن أمام شاشات التداول.

هذه هي بعض المشاهد المعتادة كلما انجرف المستثمرون وراء وهم المكاسب الخاطفة، فيكتشفون متأخرين أن الطريق إلى الثروة لم يكن سوى فخ نفسي واقتصادي.

وسرعان ما تتحول ما يراها البعض فرصة العمر إلى كارثة شخصية، تنهار معها المدخرات، وتتكسر الأحلام على صخرة الواقع القاسي، لتبقى الحسرة والديون رفيقًا ثقيلاً يلاحق أصحابه أينما ذهبوا.

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

واقع هؤلاء المستثمرين ليس حادثًا عابرًا، بل هو انعكاس لوباء نفسي يتسع نطاقه يومًا بعد يوم، حيث باتت الرغبة المحمومة في تحقيق المكاسب السريعة في أسواق الأسهم تحاصر المستثمرين وتطاردهم كظل لا ينفك عنهم.

هذا الرهان القصير الأجل أصبح أكثر وضوحًا مع انتشار قصص الذين تحولوا إلى مليونيرات بين ليلة وضحاها عبر منصات التداول ووسائل التواصل الاجتماعي، لتغذي وهمًا بأن الثروة لا تبعد سوى صفقة واحدة أو سهم واحد.

لكن خلف العناوين البراقة والمنشورات المتزايدة لتلك القصص هوس غير صحي بـ “الثراء السريع” يترك المستثمرين عالقين في دوامة من التوتر والندم والخسائر المالية.

استثمار أكثر سهولة

ومع هذا الاندفاع المحموم جاءت التكنولوجيا لتعطيه وقودًا إضافيًا عبر منصات التداول المجانية وتطبيقات الهواتف، مما جعل الاستثمار في أسواق المال أكثر سهولة من أي وقت مضى.

وفي هذا السياق، تكشف البيانات عن طفرة هائلة في حجم التداول عبر المنصات الرقمية الحديثة؛ إذ ارتفع متوسط التداول اليومي عبر تطبيقات مثل روبن هود وإي تورو لتصل إلى مليارات الدولارات يوميًا في الولايات المتحدة وحدها.

كما تشير تقديرات ديلويت إلى أن أكثر من 55% من المستثمرين الأفراد عالميًا أصبحوا يعتمدون على التطبيقات الرقمية كمنصتهم الأساسية للتداول.

هذه الأرقام تعكس انتقال جزء كبير من السيولة من القنوات التقليدية – كالبنوك وشركات الوساطة الكلاسيكية – إلى منصات أكثر آنية وتفاعلية، لكنها في الوقت ذاته أكثر عرضة للتقلبات الحادة والقرارات العاطفية.

ورغم أن انتشار التداول هو عادة يُشاد بها في معظم الأحيان، فإنها غذّت أيضًا سلوكيات المضاربة وخاصة بين فئات الشباب.

وأظهر استطلاع أجرته شركة تشارلز شواب للأبحاث عام 2023 أن ما يقارب 48% من المستثمرين من جيل الألفية وجيل زد يعترفون بأنهم يتداولون الأسهم والعملات الرقمية بدافع “الحصول على ربح سريع” أكثر من بناء ثروة طويلة الأجل.

ويزيد من هذه النزعة الانتشار المتسارع لما يُعرف بالمؤثرين الماليين على منصات مثل تيك توك ويوتيوب وإكس (تويتر سابقًا).

ووفقًا لتقرير ديلويت في 2024، فإن نحو 70% من المستثمرين الأفراد تحت سن 35 عامًا يعتبرون وسائل التواصل الاجتماعي مصدرهم الأساسي للمعلومات المالية.

وتكمن المشكلة في أن هذه المصادر تسلط الضوء على قصص الربح الضخم وتتجاهل الأغلبية التي تخسر أموالها، مما يغذي ما يُعرف بـ “انحياز البقاء”، أي التركيز على الناجحين وتجاهل الخاسرين.

مخاطر نفسية جراء هذا الهوس

وتؤكد البيانات حجم المخاطر التي يتعرض لها المستثمرون المنجذبون لتلك القصص، فقد نشرت هيئة تنظيم الصناعة المالية الأمريكية دراسة في 2023 أشارت إلى أن 70% تقريبًا من المتداولين النشطين يخسرون المال كل ربع سنة.

في حين خلصت دراسة أخرى أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن 1% فقط من المتداولين اليوميين يحققون أداءً يتفوق على السوق بشكل مستمر بعد احتساب الرسوم والضرائب، ورغم هذه الحقائق القاتمة، يستمر حلم “هزيمة السوق في جذب ملايين المستثمرين.

أما على المستوى النفسي، فقد وصفت الدراسات هذه الظاهرة بأنها تشبه إدمان القمار، حيث يؤدي إفراز الدوبامين عند تحقيق الأرباح إلى إبقاء المتداولين عالقين في الحلقة رغم تكرار الخسائر.

وكما هو الحال في ألعاب القمار، فإن الدماغ البشري يتأثر بما يُعرف بـ”انحياز المكافأة المتقطعة”، أي أن الفوز القليل وغير المنتظم يُبقي المتداولين متشبثين بالأمل في ربح أكبر، حتى لو كانت خسائرهم أكبر بكثير.

وقد شبه خبراء الاقتصاد السلوكي منصات التداول الرقمية بماكينة قمار إلكترونية حديثة، حيث تكفي ضغطة زر واحدة ليشعر المستثمر باندفاع الأدرينالين، فيبقى عالقًا في حلقة الإدمان.

ووفقًا لتقرير الجمعية الأميركية لعلم النفس (APA) في 2024، فإن 60% تقريبًا من المستثمرين الأفراد النشطين يعانون من ارتفاع مستويات القلق والضغط النفسي المرتبط بالتداول، مع تأثيرات تمتد إلى اضطرابات النوم وتوتر العلاقات الأسرية.

تكلفة اجتماعية تتجاوز الأفراد

لا يقتصر أثر الهوس على الحسابات المصرفية والصحة النفسية فحسب، بل يمتد إلى نسيج المجتمع نفسه.

فقد أظهرت أبحاث أكاديمية في بريطانيا والولايات المتحدة أن خسائر الاستثمار السريع تُضعف قدرة الأسر على الادخار للتقاعد أو التعليم، وتزيد الاعتماد على القروض قصيرة الأجل.

وبذلك يتحول حلم الثروة الفردية إلى عبء جماعي يُضعف الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي على المدى الطويل.

وقد انعكس هذا الهوس بشكل واضح على الأسواق العالمية، ففي موجة أسهم “الميم” مثل جيم ستوب وإيه إم سي بين 2021 و2022، أظهر المستثمرون الأفراد قوة جماعية هائلة، لكن الكثير منهم تكبد خسائر فادحة عند انهيار الأسعار.

وتشير بيانات فاندا ريسرش إلى أن المستثمرين الأفراد خسروا أكثر من 40 مليار دولار في أسهم الميم بين 2021 و2023، لتبقى ذكرى مؤلمة بأن الأسعار لا ترحم وأن من ارتفع بسرعة غالبًا ما ينهار بالسرعة ذاتها.

وفي آسيا، يظهر المشهد بنفس الحدة، ففي الصين، يشكل المستثمرون الأفراد أكثر من 80% من حجم التداول اليومي في البورصات، وغالبًا ما يتبعون الشائعات والموجات قصيرة الأجل.

أما في الهند، فقد شهدت طفرة هائلة في أعداد المستثمرين الجدد بعد الجائحة، إذ سجلت هيئة الأوراق المالية والبورصات الهندية فتح 44 مليون حساب تداول جديد بين 2020 و2023، لكن تكبد الكثير منهم خسائر كبيرة عند مع أول هبوط حاد للأسواق.

وتكمن الخطورة ليس فقط في الخسائر المالية، بل في تآكل السلوك العقلاني، فعندما يسعى المستثمر وراء الثروة السريعة، غالبًا ما يهمل مبادئ التنويع والصبر وإدارة المخاطر.

ويحذر الخبراء من أن هذا الوباء السلوكي لا يهدد الاستقرار المالي للأفراد فحسب، بل قد يؤثر على استقرار الأسواق ككل.

ويرى خبراء الاقتصاد السلوكي أن الحل يكمن في تعزيز الثقافة المالية والتأكيد على استراتيجيات الاستثمار طويلة الأجل.

وتُظهر دراسات نشرها كل من موقعي فانجارد ومورننجستار بشكل متكرر أن المستثمرين الذين يتبنون نهجًا منضبطًا ومتنوعًا وصبورًا يحققون عوائد تفوق مكاسب المضاربين على المدى الطويل.

في النهاية، يظل سوق الأسهم طريقًا مشروعًا لبناء الثروة، لكنه طريق وعر لا يُختصر بضغط زر ولا بصفقة عابرة.

فالهوس بالثراء السريع حوّل هذا الطريق إلى هاوية يسقط فيها من يطارد السراب، بينما ينجو فقط من أدرك أن الاستثمار ليس مقامرة لحظية، بل رحلة طويلة تحتاج صبرًا وانضباطًا ورؤية أبعد من تقلبات اللحظة.

والتحدي الحقيقي أمام المستثمر ليس في اختيار السهم الرابح فحسب، بل في كبح جماح الطمع، لأن الازدهار المستدام لا يُولد من اندفاع، بل من حكمة تترسخ مع الزمن.

وبينما ينجرف ملايين الأفراد خلف قصص الثراء السريع، يكرر الخبراء نصيحة بسيطة لكنها جوهرية: اجعل الاستثمار مثل الزراعة لا مثل الصيد.

فالزراعة تحتاج صبرًا ومتابعة واستعدادًا لتقلبات الطقس، لكنها في النهاية تمنح حصادًا مستدامًا، أما الصيد السريع فقد يمنح وجبة عابرة لكنه يترك الجوع قائمًا.

المصادر: أرقام- بلومبرج- تشارلز شواب- ديلويت- هيئة تنظيم الصناعة المالية الأمريكية- دراسة جامعة كاليفورنيا- تقرير الجمعية الأميركية لعلم النفس- أبحاث فاندا ريسيرش- هيئة الأوراق المالية والبورصات الهندية – أبحاث فانجارد- مورننجستار

اقرأ الخبر من المصدر

Must Read

- Advertisement -spot_img

Editor Picks

هل تحتاج مساعدة لاختيار الباقة الأنسب لك؟