تحول في الاحتياطيات العالمية: لماذا تفضل البنوك المركزية الذهب على السندات الأمريكية؟
الكاتب:
{pubdate}
في أواخر التسعينيات، وبالتحديد قبل إطلاق اليورو، شهدت أوروبا موجة بيع كثيفة للذهب من قبل العديد من دولها، وأدى ذلك إلى انخفاض سعر الذهب إلى حوالي 250 دولارًا للأوقية في أغسطس 1999، بانخفاض 40% عن مستويات أوائل 1996، ما دفع البنوك المركزية إلى اعتماد اتفاقية في واشنطن، أثناء الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي، للحد من مبيعات الذهب من قبل البنوك الأوروبية.
تحول جذري
– بعد ما يقرب من ثلاثة عقود، تغيرت البيئة الاقتصادية بالكامل؛ حيث أصبح الذهب حاليًا يمثل 27% من الاحتياطيات العالمية للبنوك المركزية، متجاوزًا بذلك حصة سندات الخزانة الأمريكية البالغة 23% لأول مرة منذ 1996.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
حيازات قياسية
– تمتلك البنوك المركزية حاليًا 36 ألف طن من الذهب بقيمة حوالي 4.5 تريليون دولار، متجاوزة بذلك احتياطياتها من سندات الخزانة الأمريكية البالغة 3.5 تريليون دولار، مع تجاوز سعر الأوقية 3500 دولار.
الذهب يتفوق
– تفوق الذهب على اليورو ليصبح ثاني أكبر أصل في احتياطيات البنوك المركزية العالمية، حيث بلغت حصة الذهب في الاحتياطيات الأجنبية العالمية 20% في نهاية 2024، متجاوزًا اليورو الذي بلغت حصته 16%، بينما واصل الدولار تراجعه ليصل إلى 46% من الاحتياطيات العالمية.
ارتفاع الأسعار
تضاعفت أسعار الذهب منذ أواخر 2022، مدفوعة جزئيًا بمشتريات البنوك المركزية، حيث اشترت المؤسسات السيادية أكثر من ألف طن سنويًا خلال الثلاث سنوات الماضية، أي ضعف متوسط وتيرة مشترياتها قبل 2022، ما أعاد احتياطياتها إلى مستويات لم تشهدها منذ أواخر السبعينيات.
بيانات أمريكية
– أظهر تحليل اقتصادي يعتمد على بيانات وزارة الخزانة الأمريكية حول الملكية الدولية للسندات أن البنوك المركزية تمتلك حوالي 3.9 تريليون دولار من سندات الخزانة، مقارنة بـ 3.86 تريليون دولار من الذهب، ومع ارتفاع أسعار المعدن الأصفر منذ يونيو، وصلت قيمة الاحتياطيات إلى حوالي 4.2 تريليون دولار.
التعددية القطبية
– وثّق مجلس الذهب العالمي هذا التحوّل في تقاريره الفصلية، مشيرًا إلى أن البنوك المركزية أصبحت مشتريًا صافياً للمعدن الأصفر بعكس الاتجاه السابق الذي كان سائداً في التسعينيات وأوائل الألفية، بينما لاحظ بنك التسويات الدولية في أوراقه البحثية أن مكانة الذهب كملاذ آمن أصبحت أكثر وضوحًا في عالم متعدد الأقطاب.
دوافع سياسية
– كتب خبراء الاقتصاد في البنك المركزي الأوروبي أن الدول القريبة جيوسياسيًا من الصين وروسيا شهدت زيادات ملحوظة في حصة الذهب من احتياطياتها الأجنبية الرسمية منذ الربع الأخير من عام 2021.
حذر عالمي
– دفع تجميد احتياطيات روسيا من النقد الأجنبي بعملات مجموعة السبع بعد غزوها لأوكرانيا بعض البنوك إلى تقليل تعرضها للنظام المالي الغربي، فضلًا عن التكهنات بأن الولايات المتحدة ستعامل الدائنين الأجانب بشكل أقل تفضيلًا.
تضخم وديون
– تنامت مخاوف البنوك المركزية من التضخم بعد الجائحة، فبدأت شراء الذهب كتحوط آمن، بينما تواجه سندات الخزانة الأمريكية ضغوطًا من العجز المالي وارتفاع أسعار الفائدة؛ ومع أن سندات الخزانة لم تتعرض لانخفاض حاد مثل الأوروبية أو اليابانية، إلا أن سعر الذهب ارتفع بشكل قياسي، ما دفع مديري الاحتياطيات لإعادة توازن محافظهم.
هل يفعلها؟
– هل يُمكن للذهب أن يستعيد حصته الهائلة البالغة 75% من أصول احتياطي البنوك المركزية التي احتفظ بها في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات؟ هذا مستبعد، وسيتطلب على الأرجح أزمة اقتصادية مطولة وارتفاع الضغوط التضخمية مرة أخرى، ما لم تشتعل المخاطر الجيوسياسية ويتعمق عدم اليقين الاقتصادي، ويظل التأكيد الرسمي لتجاوز الذهب حيازات سندات الخزانة مرهونًا بصدور البيانات القادمة.
المصادر: أرقام – حساب “محمد العريان” على “لينكد إن” – فاينانشال تايمز – بلومبرج – رويترز – ديسكفري ألرت – ماركتس – كيتكو