مقالات من تأليف : Fx Forsa
البنك الدولي يتوقع تراجع أسعار الطاقة 17% في 2025
توقع البنك الدولي انخفاض أسعار السلع الأساسية، بما في ذلك النفط الخام والفحم والغذاء، خلال العامين الحالي والقادم بسبب ضعف نمو الاقتصاد العالمي، والذي يرجع جزئياً للاضطرابات التجارية.
ورد في تقرير آفاق السلع الأساسية الذي صدر عن البنك الثلاثاء، أن أسعار السلع الأساسية قد تنخفض بنسبة 12% في 2025 قبل تراجعها بنسبة 6% أخرى في العام التالي، لتسجل أدنى مستوياتها منذ عام 2020 عند تعديلها وفقاً للتضخم.
وقال البنك إنه من المتوقع تراجع أسعار الطاقة 17% هذا العام لتسجل أدنى مستوى منذ 5 سنوات أيضاً، على أن تنخفض 6% في 2026.
وعن النفط، توقع البنك أن يسجل متوسط سعر برميل خام برنت القياسي 64 دولاراً هذا العام بانخفاض قدره 17 دولاراً مقارنة بمستواه في 2024، قبل أن يواصل التراجع إلى 60 دولاراً العام القادم.
عزى التقرير ذلك إلى وفرة الإمدادات وتقلص الطلب، مع التبني السريع للسيارات الكهربائية في الصين.
وعلاوة على ذلك، أشار البنك إلى أنه يتوقع هبوط أسعار الفحم الحراري 27% في 2025 و5% في 2026 مع تباطؤ نمو استهلاكه لغرض توليد الكهرباء في الاقتصادات النامية.
وفيما يتعلق بالغذاء، توقع البنك انخفاض الأسعار 7% هذا العام و1% في 2026، لكنه أوضح أن هذا لن يساعد كثيراً على الحد من مشكلة انعدام الأمن الغذائي في بعض من الدول الأكثر تضرراً، وذلك في ضوء تقلص المساعدات الإنسانية وانتشار الجوع بسبب الصراعات المسلحة.
ورجح التقرير أن يسجل الذهب مستوى قياسي جديد في عام 2025 مع لجوء المستثمرون للملاذات الآمنة في ظل تنامي حالة عدم اليقين، لكنه أشار إلى احتمال استقرار أسعار المعدن الأصفر العام القادم.
وذكر البنك في التقرير أن أسعار السلع الأساسية المعدلة وفقاً للتضخم سوف تتراجع على مدار العامين القادمين لمتوسط فترة ما بين 2015 و2019، لتنتهي بذلك حقبة الارتفاع التي أججتها أزمة الوباء، والغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022.
وأضاف أن ذلك سوف يقلص المخاطر قصيرة الأمد للتضخم الناجم عن التعريفات الجمركية الأمريكية الباهظة، وزيادة الحواجز التجارية عالمياً.
لكنه حذر من التبعات السلبية المحتملة لهذا الانخفاض على الاقتصادات النامية المُصدرة للسلع الأساسية.
وسلط التقرير الضوء على تسبب ارتفاع أسعار الطاقة في زيادة التضخم العالمي بأكثر من 2% في عام 2022، لكن انخفاضها في العامين التاليين ساعد على تهدئة التضخم.
البيت الأبيض ينتقد أمازون بسبب تقرير عن عرضها تكاليف الرسوم الجمركية للمستهلكين
انتقد البيت الأبيض شركة "أمازون"، بسبب تقرير أفاد بأن بائعة التجزئة الأمريكية تخطط لعرض تكلفة الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس "دونالد ترامب" إلى جانب الأسعار الإجمالية للمنتجات على موقعها.
وقالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض "كارولين ليفيت" في مؤتمر صحفي الثلاثاء: "هذا عمل عدائي وسياسيّ من أمازون"، حسبما نقلت شبكة "سي إن بي سي".
وأضافت "ليفيت": "لماذا لم تفعل ’أمازون‘ هذا عندما أدت سياسات الإدارة السابقة إلى ارتفاع التضخم لأعلى مستوى له منذ 40 عامًا".
وذلك بعدما كشف مصدر مطلع لموقع "بنشباول نيوز"، أن "أمازون" لا ترغب في تحمل مسؤولية تكلفة الحرب التجارية التي شنّها "ترامب"، وتعتزم بدلًا من ذلك عرض تكلفة الرسوم الجمركيةبجانب السعر الإجمالي لكل منتج.
وفي تعاملات ما قبل افتتاح وول ستريت الثلاثاء، انخفض سهم "أمازون" بنسبة 2% إلى 183.9 دولار في تمام الساعة 04:18 مساءً بتوقيت مكة المكرمة.
بين الوعود والواقع .. لماذا تتراجع أسعار النفط؟ وهل تحبط خطط ترامب لزيادة الإنتاج؟
لم يقتصر تأثير جهود "ترامب" لإعادة تشكيل التجارة العالمية من خلال فرض الرسوم المتبادلة في الثاني أبريل على الاقتصاد العالمي فحسب، بل أن حالة عدم اليقين الناجمة تلقي بظلالها على سعر النفط الذي هبط لأدنى مستوياته في أربع سنوات، مع زيادة المعروض من "أوبك" أيضًا.
الصراع مع الصين
علق "ترامب" أغلب الرسوم على معظم الدول في التاسع من أبريل، لكن حدة الصراع تصاعدت مع الصين – أكبر مستهلك للنفط في العالم - وإذا لم تتوصل الدولتين لاتفاق لخفض التعريفات سيتراجع حجم التجارة بينهما بشكل حاد، وهو ما يضع ضغوطًا سلبية على الاقتصاد الصيني الذي يواجه تحديات بالفعل.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
دور "أوبك+"
اتفقت ثماني دول في المجموعة على زيادة الإنتاج بمقدار 411 ألف برميل يوميًا خلال مايو، وهو ما يعادل أكثر من ثلاثة أضعاف ما خطط له التحالف في الأصل، مما أضاف المزيد من الضغط على أسعار النفط، فضلاً عن مخاوف من ضعف الطلب في المستقبل.
هبوط السعر
تراجع سعر خام برنت هذا الشهر دون مستوى 63 دولارًا للبرميل بعدما بلغ 80.2 دولار في العشرين من يناير أي يوم تنصيب "ترامب"، وسط مخاوف من حدوث ركود عالمي بسبب الحرب التجارية، وهو دفع المحللين لخفض توقعاتهم للطلب على النفط والأسعار بشكل حاد، بعدما وصل متوسط السعر إلى 81 دولارًا في 2024.
الحرب التجارية تدفع المحللين لخفض توقعاتهم لأسعار النفط | |
الجهة | التوضيح |
باركليز | خفض البنك توقعاته لسعر خام برنت بمقدار 4 دولارات إلى 70 دولارًا للبرميل هذا العام، وتوقع وصول السعر إلى 62 دولارًا في العام المقبل. |
جيه بي مورجان | قلص البنك الأمريكي رؤيته لسعر برنت هذا العام إلى 66 دولارًا من 73 دولارًا للبرميل، وعدل مستهدفه للعام المقبل إلى 58 دولارًا. |
جولدمان ساكس | توقع البنك في "سيناريو متطرف" - يشهد اشتعال الحرب التجارية وزيادة الإمدادات - تراجع سعر خام برنت إلى ما دون 40 دولارًا للبرميل بحلول أواخر 2026. |
العلاقة بين النمو والطلب
النمو الاقتصادي محرك رئيسي للطلب على النفط، لذلك فإن حدوث ركود أو حتى تباطؤ اقتصادي يقلص استخدام الوقود في التنقل، والإنفاق على البنية التحتية للطاقة وغيرها، وهو ما دفع كل من "أوبك" ووكالة الطاقة الدولية لخفض توقعاتهما للطلب على النفط هذا العام.
ترحيب ترامب
أصبحت أمريكا مُصدر صاف للنفط وهو ما يعني أن انخفاض الأسعار يؤثر سلبًا على التجارة وينذر بمشاكل اقتصادية، ورغم ذلك رحب "ترامب" بالانخفاض، وذكر المستشار التجاري "بيتر نافارو" أن سعر النفط عند 50 دولارًا سيساعد في كبح التضخم، في تصريح أثار قلق قطاع النفط الصخري.
ماذا عن الشركات؟
تستعد شركات النفط لأصعب أعوامها على الإطلاق منذ الوباء، لأن تراجع أسعار الخام يضغط أرباحها ويهز ثقة المستثمرين، وبالتالي ينخفض الإنتاج الجديد رغم تركيز "ترامب" منذ الحملة الانتخابية على زيادة الإنتاج، وبالتالي فإن لانخفاض الأسعار آثار متلاحقة على الاقتصاد ككل.
تراجع أسعار النفط ليس في صالح أمريكا نفسها | ||
الجهة | التوضيح | |
"ريد أولمستيد" المسؤول لدى "ستاندرد أند بورز جلوبال كوموديتيز إنسايتس" | ذكر أن وصول سعر النفط إلى 50 دولارًا ليس جيدًا لأي من الاقتصادات المحلية، وسيكون له بالتأكيد آثار متلاحقة. | |
"ماثيو بيرنشتاين" مدير حلول النفط الصخري لدى "ريستاد إنرجي" | يرى أن سياسة الرسوم الجمركية واحدة من أكبر التحديات التي واجهت القطاع منذ فترة طويلة. موضحًا أنه حال استمرار هذه السياسات وحدوث ركود، فمن المحتمل ألا يشهد إنتاج النفط الأمريكي أي نمو هذا العام. | |
تريسي دوليزال" مفوضة مقاطعة دان إحدى أكبر المناطق المنتجة للنفط في حوض باكن بولاية داكوتا الشمالية | أوضحت أن الأمر مخيف، لأن المقاطعة جمعت ضرائب تقارب 40 مليون دولار من النفط والغاز في العام الماضي، أي ما يمثل أكثر من نصف إجمالي الإيرادات. وأنه مع تراجع الأسعار ستكون هناك بعض الخسائر في الوظائف وبالطبع ستتأثر الشركات. وأشارت في حديث لـ "فاينانشال تايمز" أن المقاطعة التي صوتت بأغلبية ساحقة لصالح "ترامب" في الانتخابات الثلاثة الماضية، قد تضطر لتقليص تحديثات البنية التحتية حال تراجع الأسعار أكثر. | |
"دانيال ستينبرغ" مسؤول التنمية الاقتصادية بمقاطعة ماكنزي أحد أكثر المقاطعات إنتاجًا بمنطقة باكن | رغم تصويت 85% من سكان المقاطعة لصالح "ترامب" إلا أن "ستينبرغ" يرى أنه إذا تراجع الإنتاج وانخفض السعر فسيزداد الوضع صعوبة. |
آثار متلاحقة
رغم استفادة المستهلكون في أمريكا من تراجع أسعار البنزين إلا أن قطاع الطاقة يعد محركًا رئيسيًا للاقتصاد ويدعم ملايين الوظائف واقتصادات ولايات بأكملها، لذا فعندما تهبط أسعار النفط بشكل حاد يتراجع الإنفاق على البنية التحتية، وتقل فرص العمل.
الخلاصة
تزيد احتمالات حدوث ركود حال استمرار أو تصاعد الحرب التجارية وهو ما قد يدفع أسعار النفط للمزيد من التراجع، مما قد يمنع "ترامب" من تحقيق أجندته وزيادة الإنتاج المحلي من النفط والغاز لمستويات قياسية.
المصادر: أرقام – إدارة معلومات الطاقة الأمريكية – بلومبرج - بيزنس إنسايدر - فاينانشال تايمز – دوتشيه فيله – فوربس – رويترز
رسوم ترامب تؤجج أزمة السفن الفارغة وتربك سلاسل التوريد
في صباح يوم جديد على سواحل المحيط الهادئ، كانت السفينة "نورث ستار" تستعد للانطلاق من ميناء نينجبو الصيني متجهة نحو ميناء لوس أنجلوس الأمريكي.
هذه السفينة، التي طالما أبحرت محملة حتى آخر حاوية ببضائع متنوعة، بدت هذه المرة كهيكل ضخم يطفو على سطح الماء بلا أي حمولة، وكأنها شبح من الماضي يروي قصة أزمة اقتصادية في طور التشكل.
"نورث ستار" لم تكن وحدها في هذا المشهد الكئيب، فقد بدأت مئات السفن حول العالم تبحر فارغة، نتيجة تراجع الطلب العالمي وانكماش حركة التجارة بعد أن فرضت الإدارة الأمريكية رسوماً جمركية صارمة بلغت 145% على الواردات الصينية و10% على باقي الواردات.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
من جانبها ردّت الصين بفرض رسوم بنسبة 125% على السلع الأمريكية، مما أدى إلى توقف شبه تام للتجارة بين أكبر اقتصادين في العالم.
ومع دخول هذه الرسوم حيز التنفيذ، شهدت حركة الشحن تباطؤاً كبيراً، وتحوّل ميناء لوس أنجلوس -أكبر بوابة للبضائع الصينية نحو الولايات المتحدة- من مركز يعج بالنشاط إلى محطة خاوية.
ودفع هذا الأمر شركة الاستشارات البحرية دريوري للتحذير من انخفاض حجم شحن الحاويات عالميًا بنحو 1% في عام 2025 ليكون ثالث تراجع من نوعه منذ عام 1979.
تراجع قياسي بنشاط ميناء لوس أنجلوس
وتشير بيانات ميناء لوس أنجلوس إلى انخفاض بنسبة 35% في البضائع الصينية، وتوقف شبه تام للشحنات من الصين.
وفي الأسبوع الذي سيبدأ في 4 مايو، يتوقع الميناء أن يتواصل انخفاض النشاط به لتتراجع أعداد السفن القادمة إليه بمقدار الثلث مقارنة بالعام الماضي، لتزيد نسبة التراجع بنحو 11% مقابل الأسبوع الحالي، بحسب صحيفة فايننشال تايمز.
عدد الحاويات المجدولة (أسبوعيًا) في ميناء لوس أنجلوس: | |
الفترة الزمنية (الأسبوع الذي يبدأ بتاريخ) | عدد الحاويات المجدولة (بالألف) |
13 أبريل | 110 |
20 أبريل | 115 |
27 أبريل | 90 |
4 مايو | 80 |
ويُعد ميناء لوس أنجلوس أكبر ميناء بحري في الولايات المتحدة من حيث حجم الشحن، ويمثل شريانًا اقتصاديًا حيويًا يمر عبره أكثر من 20% من إجمالي البضائع المستوردة إلى البلاد.
وتأتي غالبية هذه البضائع من الصين ودول شرق آسيا، مما يجعل الميناء محورًا رئيسيًا في العلاقة التجارية بين الولايات المتحدة وأسواق آسيا.
كما يعتمد عليه ملايين العاملين في قطاعات الشحن والنقل والتوزيع والتجزئة، ما يجعله مركزًا استراتيجيًا له تأثير مباشر على سلاسل التوريد والاستهلاك في عموم البلاد.
وإلى جانب دوره المحلي، يشكّل ميناء لوس أنجلوس عنصرًا مهمًا من منظومة التجارة العالمية، إذ ترتبط به خطوط ملاحية تمتد إلى أكثر من 90 دولة، لذا فإن أي تعطّل في نشاطه لا ينعكس فقط على السوق الأمريكية، بل يُحدث هزات في حركة التجارة العالمية بأسرها.
وامتد التأثير السلبي لتعريفات ترامب الجمركية إلى باقي الموانئ الأمريكية إذ تُظهر بيانات شركة فيزون لتتبع الشحن أن حجوزات الحاويات القياسية بطول 20 قدماً من الصين إلى الولايات المتحدة انخفضت بنسبة 45% بحلول منتصف أبريل 2025، مقارنة بعام 2024.
وقالت شركة النقل البحري الألمانية "هاباغ-لويد"، إن العملاء ألغوا 30% من الشحنات المتجهة إلى الولايات المتحدة من الصين، نتيجة الذعر من النزاع التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم.
وفي هذا السياق، أشار جون دنتون، الأمين العام لغرفة التجارة الدولية، إلى أن هذه الاضطرابات في تدفقات التجارة بين الصين والولايات المتحدة تعكس حالة من التردد في أوساط التجار، بانتظار ما ستؤول إليه المفاوضات بين واشنطن وبكين بشأن الرسوم.
ظاهرة الإبحار الفارغ
ظاهرة الإبحار الفارغ تكررت أيضا خلال الفترة الرئاسية الأولى لـ"دونالد ترامب" في عام 2018، حينما بدأت إدارته بفرض تعريفات جمركية واسعة على الواردات الصينية، مما صعّد حربًا تجارية أربكت تدفقات التجارة العالمية.
وبحلول 2019، فرضت الولايات المتحدة تعريفات بنسبة 25% على سلع صينية بقيمة نحو 370 مليار دولار، وردّت الصين بتعريفات مقابلة، مما شكل رياحًا معاكسة قوية للتجارة الدولية.
ومع انخفاض أحجام التجارة بين الولايات المتحدة والصين وتذبذبها، لجأت شركات الشحن البحري إلى زيادة الإبحارات الفارغة أي إلغاء الرحلات المجدولة أو الإبحار بسفن فارغة.
وتستخدم الإبحارات الفارغة في فترات الركود الموسمي (مثل ما بعد رأس السنة الصينية)، لكنها تضاعفت خلال تلك الفترة مع محاولات الناقلين التكيف مع الهبوط الناجم عن التعريفات.
وفي سيناريو مشابه لما يحدث الآن كانت التجارة الأميركية-الصينية تنمو بوتيرة ثابتة قبل رسوم ترامب خلال فترة رئاسته الأولى، ولكن بعد التعريفات انخفضت واردات الولايات المتحدة من الصين بنسبة 16% في 2019 مقارنة بالعام السابق.
ولجأ الناقلون حينها إلى إلغاء ما يصل إلى 10% من الإبحارات المجدولة للموانئ الأمريكية بشكل عام، فيما شهدت بعض الأسابيع تراجع الشحنات بنحو 42% على خط آسيا-الساحل الشرقي الأميركي.
وانخفضت وتيرة نشاط موانئ الساحل الغربي الأميركي مثل لوس أنجلوس ولونج بيتش، كما واجهت تحديات تشغيلية مرتبطة بالتقلبات في وصول السفن، مما انعكس سلبًا على العمالة وسلاسل النقل البري.
وفي الوقت نفسه استفادت دول جنوب شرق آسيا مثل فيتنام وماليزيا من تحول سلاسل التوريد، مما أدى إلى ارتفاع صادراتها إلى الولايات المتحدة، كما ازدادت حركة "الشحن القريب" من المكسيك والدول المجاورة.
في المقابل ذكرت شركة دريوري أن الواردات الأميركية من الصين قد تنخفض بنسبة 40% إذا بقي ثلثا الرسوم الجمركية الحالية مفروضًا، مشيرة إلى أن واردات الولايات المتحدة من دول أخرى قد تعوّض جزئيًا هذا التراجع.
المستهلك الأمريكي يتأثر
حذر تجار التجزئة من أن المستهلكين الأميركيين قد يواجهون مجدداً رفوفاً فارغة في المتاجر واضطرابات في سلاسل الإمداد شبيهة بتلك التي شهدها العالم خلال فترة جائحة كورونا، إذا استمرت أزمة الرسوم الجمركية على الصين.
وبدأت الشركات بالفعل في إلغاء شحناتها من البضائع الصينية وإيقاف الطلبيات الجديدة، بعدما فرض تلك الرسوم إذ يقوم تجار التجزئة الأميركيون في العادة خلال هذه الفترة بزيادة طلبياتهم تحضيراً لموسم العودة إلى المدارس في الخريف وموسم العطلات الشتوية.
وتشير التقديرات إلى أن مخزون التجزئة قد ينفد خلال 6 إلى 8 أسابيع، مما ينذر برفوف فارغة قبل نهاية الصيف، وتأتي الألعاب، والقرطاسية، والملابس الموسمية، من بين أبرز المنتجات المعرضة للنفاد نظرًا لانخفاض هامشها الربحي.
ويرى محللون أن هذه الفجوة المتوقعة في المعروض لن تقتصر آثارها على المستهلكين فقط، بل قد تمتد لتُضعف أداء القطاع التجاري بأكمله، وتؤثر سلباً على فرص العمل والمبيعات في النصف الثاني من العام.
وقد أشار خبراء في قطاع اللوجستيات إلى أن سلاسل التوريد الأميركية تعتمد بدرجة كبيرة على الواردات الآسيوية، لا سيما من الصين، وأن أي خلل في تدفق هذه السلع يتسبب سريعًا في اضطراب توازن العرض والطلب.
ومع محدودية البدائل المتاحة، تبقى فرص تعويض النقص عبر مصادر أخرى ضعيفة على المدى القصير، مما يزيد الضغوط على الأسواق ويرفع احتمالات ارتفاع الأسعار في عدة قطاعات.
وقال "جوناثان جولد"، نائب رئيس سياسة سلسلة الإمداد والجمارك لدى الاتحاد الوطني لتجار التجزئة، إنه من الصعب على الشركات أن تحدد الكميات والأسعار المناسبة وسط هذه الضبابية المتعلقة بالرسوم الجمركية.
وبحسب معدلات الرسوم الحالية، يتعين على أي شركة أميركية دفع ما لا يقل عن 145 دولاراً كرسوم جمركية لإدارة الجمارك وحماية الحدود مقابل استيراد منتج قيمته 100 دولار، باستثناء الإلكترونيات والأدوية التي تطبق عليها رسوم أقل.
تأثر الشحن البحري وتهديد الاقتصاد
ومن المتوقع أن تسبب الرسوم الجمركية الجديدة في مزيد من الارتفاع لأسعار الشحن البحري وبلوغها مستويات قياسية، إذ ارتفعت أسعار الشحن بأكثر من 70% في عام 2018 عندما فُرضت رسوم مماثلة.
وجاءت رسوم ترامب لتضيف مزيد من الضغوط على سلاسل الإمداد البحرية العالمية والتي تواجه مشكلة بالفعل بسبب الاضطرابات في البحر الأحمر.
وقد أدى هذا الوضع إلى ارتفاع أسعار الشحن الفوري من الشرق الأقصى إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة بنسبة 303% بين 1 ديسمبر 2023 و1 يوليو 2024، كما ارتفعت الأسعار من الشرق الأقصى إلى الساحل الغربي بنسبة 389% خلال نفس الفترة.
وبالفعل بدأت سياسات الرسوم المتصاعدة تنعكس على المؤشرات الاقتصادية، إذ توقعت شركة أبولو جلوبال مانيجمينت حدوث ركود اقتصادي كبير في الولايات المتحدة بحلول صيف 2025، في حال استمرار هذه السياسات.
أما على الصعيد العالمي، فقد أظهر استطلاع أجرته وكالة رويترز أن توقعات نمو الاقتصاد العالمي لعام 2025 تراجعت من 3.0% إلى 2.7%، مع تأكيد أكثر من 60% من الاقتصاديين المشاركين على أن خطر الركود خلال هذا العام "مرتفع للغاية".
كما حذر صندوق النقد الدولي في وقت سابق من هذا الأسبوع من إن الناتج الاقتصادي العالمي سيتباطأ في الأشهر المقبلة، جراء تأثير الرسوم الجمركية.
وفي حال استمرت السياسات الجمركية الحالية، فإن تداعياتها مرشحة للاستمرار والتفاقم.
ومن بين تلك التداعيات استمرار ارتفاع عدد السفن التي تبحر فارغة بسبب تراجع حجم التجارة، واتجاه الشركات العالمية للبحث عن بدائل جديدة لسلاسل التوريد، مما سيؤدي إلى إعادة رسم خريطة التجارة الدولية.
وفي ظل تصاعد الحرب التجارية وارتفاع الرسوم الجمركية إلى مستويات غير مسبوقة، يبدو أن العالم يتجه نحو مرحلة جديدة من الاضطرابات الاقتصادية.
وبينما تبحر السفن فارغة وتجاهد سلاسل التوريد للبقاء، تبقى الأسواق معلقة على خيط رفيع من الأمل، مرهونة بنتائج مفاوضات قد تحدد شكل التجارة العالمية لسنوات مقبلة.
المصادر:أرقام- فايننشال تايمز- إنفستورز.كوم- صحيفة ذا جارديان- رويترز- سي إن بي سي- جي كابتن ديلي
الصين تحث الدول على التصدي لتهديدات ترامب
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب
حذرت الصين الدول من الرضوخ لتهديدات الرسوم الجمركية الأمريكية، وذلك مع تلميح إدارة "ترامب" إلى إمكانية استخدام أدوات تجارية جديدة للضغط على بكين.
وذكر وزير الخارجية الصيني "وانغ يي" في اجتماع لدول مجموعة البريكس أن محاولة الاسترضاء لن تؤدي إلا للتشجيع، وحث مجموعة دول الأسواق الناشئة على التصدي للتعريفات الأمريكية.
وأضاف حسبما نقلت "بلومبرج"أن الولايات المتحدة التي استفادت كثيرًا من التجارة الحرة، تلجأ الآن لاستخدام التعريفات كورقة للمساومة، وفي حال اختارت الدول الصمت والتنازل فلن يؤدي ذلك إلا إلى المزيد من الاستغلال.
مما يبرز مدى مقاومة الصين للضغوط التي تفرضها واشنطن، في الوقت الذي أشار فيه وزير الخزانة الأمريكي "سكوت بيسنت" إلى أن واشنطن قد تحظر بعض الصادرات للصين.
ونشرت وزارة الخارجية الصينية الثلاثاء مقطع فيديو تتعهد خلاله بعدم التراجع، موضحة أن ذلك من أجل مصلحة العالم أيضًا.