مقالات من تأليف : Fx Forsa
جيه بي مورجان: الذهب قد يصل إلى 4000 دولار بسبب التوترات الجيوسياسية
سبائك ذهب
توقع محللو "جيه بي مورجان" أن تدفع العوامل الجيوسياسية أسعار الذهب إلى كسر حاجز 4 آلاف دولار للأوقية خلال الاثني عشر شهرًا المقبلة، معززًا مكاسبه بعدما صعد بأكثر من 30% منذ مطلع العام الجاري.
وكتب "جريجوري شيرر" رئيس أبحاث المعادن الأساسية والثمينة لدى المصرف الأمريكي، في مذكرة: "من المتوقع أن تستمر مخاطر الركود والتضخم الناجمين عن الرسوم الجمركية في تعزيز ارتفاع أسعار الذهب"، حسبما نقلت شبكة "سي إن بي سي".
وأشار "شيرر" إلى أن الطلب على المعدن الأصفر من البنوك المركزية العالمية والمستثمرين، بجانب صناديق الاستثمار المتداولة، من المرجح أن يكون عند مستويات مرتفعة بسبب المخاوف المرتبطة بآفاق الاقتصاد العالمي.
وأضاف أن الذهب يُعد أداة التحوط الأمثل بالنسبة للمستثمرين خلال العامين الجاري والمقبل، بسبب مزيج من الركود التضخمي وانخفاض الدولار ومخاطر السياسة النقدية والتجارية الأمريكية.
التحليل الرقمي لزوج EUR/USD ليوم 22/4/2025 |هل ينجح الدعم اللحظي في إيقاف الزخم البيعي
الذهب يواصل الصعود بلا هوادة .. لماذا لا يشهد سوى تصحيحات خجولة؟
في وقت تئن فيه الأصول التقليدية تحت وطأة الضبابية، يواصل الذهب مسيرته الصاعدة وكأنّه بمنأى عمّا يجري،ليواصلسعر المعدن الأصفرتحقيق مستويات قياسيةمع استمرار ضعف الدولار الأميركي.
وحتى الآن لا يوجد شيء يُوقف تقدم الذهب، ولا حتى التصحيحات السعرية التي ما تلبث أن تحدث حتى تعود الأسعار للصعود مجددًا.
وفي الوقت الذي تتعثر فيه أسواق الأسهم ويتراجع بريق العملات، يواصل الذهب صعوده بثقة، وكأنه ينأى بنفسه تدريجيًا عن جاذبية الأسواق التقليدية وتقلباتها، وسط أجواء تدعم صعوده مثل القلق الجيوسياسي، والتباطؤ الاقتصادي العالمي، ومخاوف الحرب التجارية.
ففي حين تعاني الاقتصادات الكبرى من تباطؤ النمو، وتواجه العملات ضغوطًا من التضخم وأسعار الفائدة، يبدو أن الذهب يستعيد دوره التاريخي، لا سيما في ظل بحث المستثمرين عن أصل لا تحكمه قرارات البنوك المركزية ولا تُضعفه الديون السيادية.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
فلم يعد هذا المعدن الأصفر مجرد "ملاذ آمن" كما اعتدنا تسميته، بل بات مرشحًا بجدارة ليكون "العملة الصامتة" أي أصل ذو قيمة لا يصدره مصرف مركزي ولا يفقد قيمته بمرور الزمن، في عصر اقتصادي تتبدل فيه المعايير وتتسارع فيه التحوّلات.
لماذا يتقدم الذهب بلا توقف؟
قفزت أسعار الذهببأكثر من 2% إلى 3500 دولار، ويلامس مستوى قياسيًا جديدًا مدفوعًا بانخفاض العملة الأميركية إلى أدنى مستوياتها منذ أواخر 2023.
وتعززت مكاسب الذهب مؤخرًا مع تصاعد التوتر بشأن استقلالية الاحتياطي الفيدرالي، بعد انتقادات حادة من الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" لرئيس المركزي "جيروم بأول" وتلويحه بإقالته، إلى جانب دعواته العلنية لخفض أسعار الفائدة.
هذه التصريحات أضعفت الثقة بسياسات الفيدرالي، ودفعت المستثمرين للبحث عن ملاذات أكثر استقرارًا، في مقدمتها الذهب.
وجاء تحذير مسؤولي الفيدرالي، مثل "أوستن جولسبي"، من المساس باستقلالية البنك ليزيد المخاوف من تدخلات سياسية في السياسة النقدية.
ومن المتوقع أن يواصل المعدن النفيس مكاسبه مع صدور توقعات جديدة من صندوق النقد الدولي تشير إلى تراجع النمو العالمي، مما يعزز القلق بشأن الركود الاقتصادي.
كما يشير الخبراء إلى أن المعدن الأصفر سيحظى بمزيد من الدعم مع إعلان مؤشرات مديري المشتريات المقرر يوم الأربعاء والتي ستعكس نظرة شاملة على النشاط الاقتصادي منذ أن صعّد الرئيس الأميركي ترامب وتيرة فرض الرسوم الجمركية.
ووفقًا للتوقعات فإن المؤشرات ستقدم صورة قاتمة عن النشاط الاقتصادي، في ظل استمرار السياسات التجارية التصعيدية من قبل الرئيس ترامب.
ومن بين أسباب زيادة سعر الذهب، ارتفاع حيازات صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب بشكل متواصل على مدار 12 أسبوعًا، في أطول موجة صعود منذ 2022، بالتزامن مع استمرار البنوك المركزية في الشراء، ما زاد من زخم الطلب العالمي.
وعزز فرص صعود الذهب تشديد الصين على معارضتها لأي اتفاق تجاري تتوصل إليه الولايات المتحدة مع أطراف أخرى، على حساب مصالحها، وفقاً لوزارة التجارة الصينية التي تعهدت بأن بكين ستتخذ إجراءات مضادة في حالة حدوث ذلك.
لكن هناك حالة واحدة قد يشهد فيها الذهب تراجعًا بحسب "يوشوان ليو"، المحلل في شركة "جوتاي جونان للعقود الآجلة"، وهي إذا أجبر تدهور التوقعات الاقتصادية في الولايات المتحدة ترامب على تخفيف أو التراجع عن الرسوم الجمركية المفروضة على الصين.
وأضاف أنه في هذه الحالة "قد تنتعش الأسواق، مما يؤدي إلى تباطؤ ارتفاع أسعار الذهب".
الذهب يتصدر في زمن اللايقين
لم يعد الذهب يتحرك بدافع التضخم وحده أو أسعار الفائدة، بل بات يتغذى على تحوّل أعمق في فلسفة الاقتصاد العالمي ذاته.
فمنذ تفشي جائحة كورونا عام 2020، مرورًا بالحرب الروسية الأوكرانية، والتوترات المتزايدة في مضيق تايوان، ثم تصاعد النزاعات في الشرق الأوسط، لم يعرف العالم يقينًا اقتصاديًا حقيقيًا.
ومع دخول الاقتصاد الصيني في مرحلة تباطؤ هيكلي، وازدياد الضغوط على الدولار الأمريكي، بات الذهب هو "البوصلة" الوحيدة في بحر مضطرب.
البنوك المركزية التي لديها أعلى احتياطات من الذهب عالميًا (حتى نهاية عام 2024) | ||
الترتيب | الدولة | حجم الاحتياطي |
1 | الولايات المتحدة | 8133 |
2 | ألمانيا | 3352 |
3 | إيطاليا | 2452 |
4 | فرنسا | 2437 |
5 | روسيا | 2336 |
6 | الصين | 2280 |
7 | سويسرا | 1040 |
وبدأت البنوك المركزية حول العالم، لا سيما في آسيا والشرق الأوسط، في إعادة تشكيل محافظها الاحتياطية، واضعة الذهب في مقدمة أولوياتها.
وقد سجّل عام 2023 رقمًا قياسيًا حين اشترت البنوك المركزية أكثر من 1037 طنًا من الذهب، بحسب تقرير مجلس الذهب العالمي، في إشارة واضحة إلى تحوّل استراتيجي طويل الأجل.
ويبدو أن هذا التوجه لم يتباطأ، بل تسارع خلال الربع الأول من 2025، مع تسجيل مشتريات مركزية كثيفة في العديد من دول العالم على رأسها الصين، في ظل تصاعد الشكوك حول استقرار النظام النقدي العالمي إذ يُتوقع أن تشتري 80 طناً شهرياً، مقابل 70 طناً سابقاً.
وتتجاوز احتياطيات الذهب لدى البنوك المركزية العالمية 37.8 ألف طن، أي ما يقرب من خُمس إجمالي الذهب المُستخرج على الإطلاق بنهاية عام 2024.
تصحيحات بلا هبوط حقيقي
رغم تسجيل الذهب لبعض التراجعات خلال شهري فبراير ومارس 2025، فإن هذه "التصحيحات" لم تكن سوى لحظات تهدئة قصيرة، سرعان ما تحوّلت إلى فرص شراء جديدة، لسبب بسيط وهو أن المشهد الاستثماري تغيّر.
فلم يعد الذهب حكرًا على الأفراد الباحثين عن التحوّط، بل بات محط اهتمام صناديق التقاعد، والصناديق السيادية، وشركات التأمين العالمية، التي تتعامل معه كأصل استراتيجي لا غنى عنه في ظل حالة عدم اليقين الممتدة.
تزايد الإقبال المؤسسي على الذهب لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة تراكمات طويلة من السياسات النقدية التوسعية، وارتفاع مستويات الدَّين السيادي، وتآكل الثقة في استدامة بعض العملات.
وأظهرت بيانات الربع الأول من 2025 أن أكثر من 15% من الزيادة في الطلب على الذهب جاءت من مؤسسات مالية كبرى، في تحول نوعي يُعيد تشكيل خريطة الاستثمار العالمي.
هذا التصاعد المستمر للذهب جعل البنوك الرائدة أكثر تفاؤلاً بشأن آفاق الذهب مع تصاعد وتيرة ارتفاعه هذا العام.
وتوقع بنك "جولدمان ساكس" في وقت سابق من هذا الشهر أن يصل سعر المعدن النفيس إلى 4000 دولار للأونصة في منتصف العام المقبل، مع احتمالية وصوله إلى 4500 دولار في حال تفاقمت المخاطر الاقتصادية.
وجاءت تلك الأرقام مقابل توقعاته السابقة قبل نحو عام بأن يسجل 2700 دولار للأونصة خلال تلك الفترة.
مضاربات أم صعود محسوب
على عكس ما يروّجه بعض المراقبين، فإن صعود الذهب لا يُبنى على موجات مضاربة عشوائية، فالمعطيات تشير إلى طلب حقيقي، ومتنامٍ، من جهات مؤسسية كبرى، إضافة إلى غياب البدائل الآمنة في ظل اضطراب السندات والأسهم والعملات الرقمية.
كما أن المؤشرات الفنية لا تُظهر علامات تشبّع شرائي مفرط، بل تعكس مسارًا صاعدًا منضبطًا، مدعومًا بأساسيات اقتصادية وجيوسياسية واضحة.
ولم تكن الارتفاعات الأخيرة في سعر الذهب ردّ فعل مباشر لأحداث مفاجئة، بل كانت بمثابة تسعير تدريجي لمجموعة متراكمة من مخاطر اقتصادية وسياسية على الساحة العالمية.
فالذهب اليوم ليس مجرد ملاذ، بل لغة مالية جديدة تتحدث بها الأسواق حين تعجز الأدوات التقليدية عن التعبير.
وبينما تتخبّط الاقتصادات الكبرى في إعادة تعريف أولوياتها، يبقى الذهب هو الأصل الوحيد الذي يحتفظ بثقة الجميع، مستندًا إلى أساس متين من الطلب الحقيقي والرؤية المستقبلية.
قد يتباطأ الذهب مؤقتًا، لكنه لا يتراجع طويلًا، ومع استمرار تدفّق الاستثمارات المؤسسية، يبدو أن الذهب ماضٍ في ترسيخ موقعه كركيزة أساسية في المشهد الاستثماري العالمي.
المصادر: أرقام- بلومبرج- مجلس الذهب العالمي- جولدمان ساكس- رويترز- ماركت بيزنس
صبر ترامب ينفد .. ما تداعيات الإقالة المحتملة لـ رئيس الفيدالي؟
كثف "دونالد ترامب" هجومه على رئيس الفيدرالي "جيروم باول" في الآونة الأخيرة، مهدداً بعزله إذا لم يُخفض أسعار الفائدة، ما فاقم حدة الاضطرابات التي تشهدها وول ستريت في خضم التوترات التجارية الراهنة، وفي حال استطاع الرئيس الأمريكي اتخاذ مثل هذا الإجراء، كيف ستبدو آفاق الأسواق والاقتصاد؟
تهديد أم واقع؟
- ساد اعتقاد بين المستثمرين قبل تنصيب "ترامب" لولاية ثانية بأنه يجب أخذ تصريحات الرئيس على محمل الجد لكن ليس بصورة حرفية، وثبت عدم دقة هذا الاعتقاد بعد شنه حرباً تجارية عالمية، ويرى بعض المحللين أن الرئيس ربما يمارس ضغوطاً لدفع الفيدرالي لخفص الفائدة.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
معركة قضائية
- تنبع هذه المخاوف من حقيقة خوض الإدارة الحالية معركة قضائية لمنح السلطة التنفيذية صلاحية عزل وتعيين مسؤولي الجهات المستقلة كما في حالة حكم المحكمة العليا بأن الرئيس غير ملزم بإعادة "جواين كوكس" عضوة المجلس القومي لعلاقات العمل لمنصبها بعد عزلها منه.
وول ستريت
- أعرب كثير من محللي استراتيجيات الاستثمار عن مخاوفهم إزاء تبعات إقالة "باول"، الذي تنتهي ولايته في مايو 2026، على الأسواق المالية التي تعاني بالفعل تحت وطأة سياسات "ترامب" الحمائية، وحذرت عضوة مجلس الشيوخ الديمقراطية "إليزابيث وارن" من انهيار الأسواق حال أقدم الرئيس على تلك الخطوة.
انحدار قيمة الدولار
- واصل الدولار مساره الهبوطي عقب تهديد "ترامب" بعزل "باول" نتيجة تراجع ثقة المستثمرين في آفاق الاقتصاد الأمريكي مع تدخل السلطة التنفيذية في عمل صناع السياسات النقدية، وفقدان الفيدرالي استقلاليته المحمية بموجب الدستور.
التضخم والنمو
- تصاعدت تحذيرات خبراء الاقتصاد تجاه الآثار التضخمية لسياسة "ترامب" التجارية، فضلاً عن مخاوف انزلاق الاقتصاد نحو الركود، ما يخلق أزمة "ركود تضخمي"، ووسط مخاطر فقدان الفيدرالي استقلاليته، تتفاقم النظرة السلبية تجاه قدرة صناع السياسة النقدية على إدارة الاقتصاد بصورة فعالة.
الديون السيادية
- تسببت سياسات "ترامب" وتصريحاته بشأن رئيس الفيدرالي في تقويض ثقة المستثمرين بالأصول الآمنة الأمريكية، الدولار والسندات السيادية، ما أدى إلى موجة بيع ممتدة للديون طويلة الأجل التي حذر الخبراء من تفاقمها مع تصفية المستثمرين الآجانب حيازاتهم منها.
ماذا عن الأمريكيين؟
- يرى محللو "داو جونز" أن إقالة "باول" ترفع المخاطر التي تواجه مستثمري السندات في السوق المحلية، ما يفاقم من موجة البيع الحالية، ويدفعهم نحو الإقبال على الديون السيادية الأجنبية التي ستوفر حينها عوائد ربما أقل من نظيرتها الأمريكية، لكنها أقل مخاطرة في الوقت ذاته.
درس من الماضي
- لم يكن الفيدرالي يتمتع بالاستقلالية في سبعينيات القرن الماضي، وشهدت هذه الحقبة، كما هو الحال اليوم، أزمة تضخم، وكان أمام الحكومة خيارين آنذاك، إما التخلف عن سداد الديون لتمويل الإنفاق العام الإضافي وتعويض التخفيضات الضريبية، أو خفض قيمة الدولار لتقليص القيمة الحقيقية لمدفوعات الديون.
النتيجة؟
- فضلت الحكومة الخيار الثاني، والذي كان كارثياً بالنسبة لحملة السندات السيادية، وأنهت عقد السبعينيات بانخفاض نسبة الدين العام للناتج المحلي الإجمالي لأدنى مستوياته خلال حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
الاستثنائية الأمريكية
- تتلخص الآثار المحتملة لإقالة "ترامب" رئيس الفيدرالي في خسارة الولايات المتحدة مكانتها الاقتصادية الاستثنائية، ومزيد من تراجع ثقة المستثمرين في الأصول الأمريكية، بما في ذلك الملاذات الآمنة من دولار وديون سيادية، وقدرة واشنطن على توجيه سياسة اقتصادية كلية فعالة ورشيدة.
برأيك، هل أصبح هذا الإجراء المحتمل قريبًا من الواقع؟ وما ستكون تداعياته؟
المصادر: ماركت ووتش – بلومبرج – مورنينج ستار – إن بي سي نيوز