Fx Forsa

الرئيسيةالأخبار الأقتصادية‏تشارلي مونجر .. كيف جمع بين الذكاء المالي والإنسانية؟

‏تشارلي مونجر .. كيف جمع بين الذكاء المالي والإنسانية؟

-

‏تشارلي مونجر .. كيف جمع بين الذكاء المالي والإنسانية؟

الكاتب:

{pubdate}

في عالم المال، حيث يطغى الطموح على الحكمة أحياناً، كان تشارلي مونجر نموذجاً فريداً يجمع بين الذكاء الاستراتيجي وعمق التجربة الإنسانية.

حتى أيامه الأخيرة، لم يتوقف نائب رئيس بيركشاير هاثاوي عن التعلم واستكشاف الفرص، مُقدّماً نموذجاً فريداً للمستثمرين حول كيفية مواجهة التحديات المالية والحياة بوعي وهدوء.

في 28 نوفمبر 2023، رحل مونجر عن عمر ناهز 99 عاماً، قبل أيام قليلة من بلوغه المئة.

شعار حتى النهاية

بحسب تقرير حصري لـ«وول ستريت جورنال» بعنوان: “القصة غير المروية لآخر سنوات تشارلي مونجر”، فإنه استمر في الاستثمار الجريء، وبناء صداقات غير متوقعة، ومواجهة تحديات جديدة حتى آخر أيامه.

قال هال بورثويك، زوج ابنته، موضحاً: “حتى يوم وفاته، كان عقله يعمل بلا توقف.. لم يتوقف عن التعلم أبداً”.

كان مونجر يبحث دائماً عن فرص استثمارية جديدة، متجاوزاً الأعراف التقليدية حتى في سنواته الأخيرة. ففي 2023، استثمر في شركتين تعملان في الفحم، معتبراً أن الطلب على الطاقة سيبقى مرتفعاً رغم المخاوف البيئية، مؤكداً رفضه لتوقعات الانخفاض.

وقد حقق مكاسب ورقية تجاوزت 50 مليون دولار من استثماراته في كونسول إنرجي ( Consol Energy ) و ألفا ميتالورجيكال ريسورسز (Alpha Metallurgical Resources.)

التوجيه والريادة

لم يتوقف اهتمام مونجر بالمال وحده؛ بل امتد إلى التوجيه والإرشاد. ففي 2005، بدأ بمرافقة جار مراهق يعاني من اضطراب فرط الحركة، ونصحه حول قيم الحياة ومبادئها.

هذا الشاب، آفي ماير، أسس لاحقاً شركة عقارية دعمه مونجر فيها، وأصبحت واحدة من أكبر مالكي الشقق منخفضة الطوابق في كاليفورنيا بقيمة نحو 3 مليارات دولار. وحتى بعد وفاته، ساهم في إتمام صفقة شراء عقار، مؤكداً دوره المستمر في الإدارة والاستثمار.

المرح والإنسانية

مع تقدم سنه، أصبح مونجر أكثر ودية، مستمتعاً بوجبات الإفطار الأسبوعية مع أصدقائه في نادي الريف، حيث كان يكرر حكمة بسيطة: “في سني، إما أن تكوّن صداقات جديدة، أو لا تملك أي صديق”.

وعلى الصعيد الشخصي، تخلى عن قيود الطعام الصحي، حيث أفادت عائلة حفيده أن آخر وجبة طلبها كانت دجاجة كورية مقلية مع أرز كيمتشي وبطاطس مقلية. ومع كل الدعابات والنوستالجيا، بقي مونجر متفائلاً بشأن مستقبل بيركشاير، مؤمناً بأن المؤسسة أقوى من أي فرد.

خلال مسيرته الطويلة، شدد مونجر على أن الحياة والاستثمار لا ينفصلان عن التعلم المستمر. في إحدى الفعاليات، قال: “الحياة التي تُعاش بشكل صحيح هي مجرد تعلم، تعلم، تعلم بلا توقف”.

وأشار إلى استثماراته في سيز كاندي (See’s Candy) وكيف ساعدته هذه التجربة على اتخاذ قرارات لاحقة مهمة مثل شراء أسهم كوكاكولا. وأضاف: “كل قرار استثماري يمثل فرصة للتعلم.. وهذا ما ساعد بيركشاير على النمو على مدى عقود”.

واتفق معه وارن بافيت في التأكيد على أن ألم الدخول في مشروع ضعيف يعلمك تقدير المشاريع الجيدة، بينما المتعة الحقيقية تأتي من الاستفادة والتعلم في المشاريع الناجحة.

الفلسفات العملية لمونجر

التعلم المستمر: لا توقف أبداً، حتى بعد النجاح.

الاستثمار الجريء: أحياناً يتطلب تحدي التوقعات السائدة، كما فعل مع الفحم.

التوجيه والإرشاد: نقل الخبرة للشباب يعتبر استثماراً طويل الأمد.

العلاقات الاجتماعية: تكوين صداقات جديدة جزء من استمرارية العقل النشط.

التوازن بين العمل والحياة: المرح الشخصي والطعام المفضل ليس ترفاً، بل جزءًا من حياة متوازنة.

هذه المبادئ، رغم بساطتها الظاهرية، شكلت إطار عمل عملياً للاستثمار وإدارة الحياة، ووضعت مونجر كنموذج فريد للمستثمر العصري الذي لا يربط النجاح بالمال فقط، بل بالحكمة والإنسانية.

بيركشاير هاثاوي بعد مونجر

حتى بعد رحيله، تستمر استثمارات بيركشاير في التأثير على الأسواق. أبرز استثمارات الشركة في الولايات المتحدة واليابان، مع متابعة دقيقة للصفقات الكبرى، تعكس إرث مونجر في استراتيجية طويلة الأمد قائمة على التعلم والتخطيط المدروس.

ويبرز التوازن بين إدارة رأس المال الطويلة الأجل وامتلاك إطار مستمر للتعلم كعنصر أساسي في استمرار نجاح بيركشاير، حيث لا يعتمد الأداء فقط على الأفراد، بل على المنهجية التي ابتكرها مونجر وبافيت معاً.

تشارلي مونجر لم يكن مجرد مستثمر بارع، بل كان معلم حياة. من قراءته المستمرة وتحليله للأسواق، إلى اهتمامه بالعلاقات الإنسانية والتوجيه الشخصي، ترك نموذجاً لا يُنسى للجمع بين الحكمة والمال والإنسانية. إرثه يعلّم أن النجاح الحقيقي ليس في المكاسب المالية وحدها، بل في القدرة على التعلم المستمر، واتخاذ القرارات الجريئة، وترك أثر إيجابي يمتد لأجيال قادمة.

حتى بعد وفاته، تبقى الدروس التي علّمها مونجر مرشداً لأي مستثمر أو قائد يسعى للتوازن بين الثروة والعمل والحكمة، مؤكداً أن التعلم والمعرفة لا يشيخان، وأن الاستثمار الحقيقي يبدأ بالعقل قبل الأموال.

المصدر: سي إن بي سي

اقرأ الخبر من المصدر

مختارات التحليل والأخبار الأقتصادية

أخر الأخبار

- Advertisement -spot_img

‏تشارلي مونجر .. كيف جمع بين الذكاء المالي والإنسانية؟

الكاتب:

{pubdate}

في عالم المال، حيث يطغى الطموح على الحكمة أحياناً، كان تشارلي مونجر نموذجاً فريداً يجمع بين الذكاء الاستراتيجي وعمق التجربة الإنسانية.

حتى أيامه الأخيرة، لم يتوقف نائب رئيس بيركشاير هاثاوي عن التعلم واستكشاف الفرص، مُقدّماً نموذجاً فريداً للمستثمرين حول كيفية مواجهة التحديات المالية والحياة بوعي وهدوء.

في 28 نوفمبر 2023، رحل مونجر عن عمر ناهز 99 عاماً، قبل أيام قليلة من بلوغه المئة.

شعار حتى النهاية

بحسب تقرير حصري لـ«وول ستريت جورنال» بعنوان: “القصة غير المروية لآخر سنوات تشارلي مونجر”، فإنه استمر في الاستثمار الجريء، وبناء صداقات غير متوقعة، ومواجهة تحديات جديدة حتى آخر أيامه.

قال هال بورثويك، زوج ابنته، موضحاً: “حتى يوم وفاته، كان عقله يعمل بلا توقف.. لم يتوقف عن التعلم أبداً”.

كان مونجر يبحث دائماً عن فرص استثمارية جديدة، متجاوزاً الأعراف التقليدية حتى في سنواته الأخيرة. ففي 2023، استثمر في شركتين تعملان في الفحم، معتبراً أن الطلب على الطاقة سيبقى مرتفعاً رغم المخاوف البيئية، مؤكداً رفضه لتوقعات الانخفاض.

وقد حقق مكاسب ورقية تجاوزت 50 مليون دولار من استثماراته في كونسول إنرجي ( Consol Energy ) و ألفا ميتالورجيكال ريسورسز (Alpha Metallurgical Resources.)

التوجيه والريادة

لم يتوقف اهتمام مونجر بالمال وحده؛ بل امتد إلى التوجيه والإرشاد. ففي 2005، بدأ بمرافقة جار مراهق يعاني من اضطراب فرط الحركة، ونصحه حول قيم الحياة ومبادئها.

هذا الشاب، آفي ماير، أسس لاحقاً شركة عقارية دعمه مونجر فيها، وأصبحت واحدة من أكبر مالكي الشقق منخفضة الطوابق في كاليفورنيا بقيمة نحو 3 مليارات دولار. وحتى بعد وفاته، ساهم في إتمام صفقة شراء عقار، مؤكداً دوره المستمر في الإدارة والاستثمار.

المرح والإنسانية

مع تقدم سنه، أصبح مونجر أكثر ودية، مستمتعاً بوجبات الإفطار الأسبوعية مع أصدقائه في نادي الريف، حيث كان يكرر حكمة بسيطة: “في سني، إما أن تكوّن صداقات جديدة، أو لا تملك أي صديق”.

وعلى الصعيد الشخصي، تخلى عن قيود الطعام الصحي، حيث أفادت عائلة حفيده أن آخر وجبة طلبها كانت دجاجة كورية مقلية مع أرز كيمتشي وبطاطس مقلية. ومع كل الدعابات والنوستالجيا، بقي مونجر متفائلاً بشأن مستقبل بيركشاير، مؤمناً بأن المؤسسة أقوى من أي فرد.

خلال مسيرته الطويلة، شدد مونجر على أن الحياة والاستثمار لا ينفصلان عن التعلم المستمر. في إحدى الفعاليات، قال: “الحياة التي تُعاش بشكل صحيح هي مجرد تعلم، تعلم، تعلم بلا توقف”.

وأشار إلى استثماراته في سيز كاندي (See’s Candy) وكيف ساعدته هذه التجربة على اتخاذ قرارات لاحقة مهمة مثل شراء أسهم كوكاكولا. وأضاف: “كل قرار استثماري يمثل فرصة للتعلم.. وهذا ما ساعد بيركشاير على النمو على مدى عقود”.

واتفق معه وارن بافيت في التأكيد على أن ألم الدخول في مشروع ضعيف يعلمك تقدير المشاريع الجيدة، بينما المتعة الحقيقية تأتي من الاستفادة والتعلم في المشاريع الناجحة.

الفلسفات العملية لمونجر

التعلم المستمر: لا توقف أبداً، حتى بعد النجاح.

الاستثمار الجريء: أحياناً يتطلب تحدي التوقعات السائدة، كما فعل مع الفحم.

التوجيه والإرشاد: نقل الخبرة للشباب يعتبر استثماراً طويل الأمد.

العلاقات الاجتماعية: تكوين صداقات جديدة جزء من استمرارية العقل النشط.

التوازن بين العمل والحياة: المرح الشخصي والطعام المفضل ليس ترفاً، بل جزءًا من حياة متوازنة.

هذه المبادئ، رغم بساطتها الظاهرية، شكلت إطار عمل عملياً للاستثمار وإدارة الحياة، ووضعت مونجر كنموذج فريد للمستثمر العصري الذي لا يربط النجاح بالمال فقط، بل بالحكمة والإنسانية.

بيركشاير هاثاوي بعد مونجر

حتى بعد رحيله، تستمر استثمارات بيركشاير في التأثير على الأسواق. أبرز استثمارات الشركة في الولايات المتحدة واليابان، مع متابعة دقيقة للصفقات الكبرى، تعكس إرث مونجر في استراتيجية طويلة الأمد قائمة على التعلم والتخطيط المدروس.

ويبرز التوازن بين إدارة رأس المال الطويلة الأجل وامتلاك إطار مستمر للتعلم كعنصر أساسي في استمرار نجاح بيركشاير، حيث لا يعتمد الأداء فقط على الأفراد، بل على المنهجية التي ابتكرها مونجر وبافيت معاً.

تشارلي مونجر لم يكن مجرد مستثمر بارع، بل كان معلم حياة. من قراءته المستمرة وتحليله للأسواق، إلى اهتمامه بالعلاقات الإنسانية والتوجيه الشخصي، ترك نموذجاً لا يُنسى للجمع بين الحكمة والمال والإنسانية. إرثه يعلّم أن النجاح الحقيقي ليس في المكاسب المالية وحدها، بل في القدرة على التعلم المستمر، واتخاذ القرارات الجريئة، وترك أثر إيجابي يمتد لأجيال قادمة.

حتى بعد وفاته، تبقى الدروس التي علّمها مونجر مرشداً لأي مستثمر أو قائد يسعى للتوازن بين الثروة والعمل والحكمة، مؤكداً أن التعلم والمعرفة لا يشيخان، وأن الاستثمار الحقيقي يبدأ بالعقل قبل الأموال.

المصدر: سي إن بي سي

اقرأ الخبر من المصدر

Must Read

- Advertisement -spot_img

Editor Picks

هل تحتاج مساعدة لاختيار الباقة الأنسب لك؟