Fx Forsa

الرئيسيةالأخبار الأقتصادية‏رحلة في فكرةٍ .. أليس ريفلين وأرقام تتحدث بلغة الشعب

‏رحلة في فكرةٍ .. أليس ريفلين وأرقام تتحدث بلغة الشعب

-

‏رحلة في فكرةٍ .. أليس ريفلين وأرقام تتحدث بلغة الشعب

الكاتب:

{pubdate}

– كانت “أليس ريفلين” أكثر من مجرد خبيرة اقتصادية فذة، بل حيث يمكن اعتبارها بمثابة ضمير واشنطن المالي وعقلها التحليلي الصارم، وأحد آخر عمالقة الخدمة العامة الذين كرسوا حياتهم لجعل الأرقام في خدمة الناس.

– وعلى مدى نصف قرن، كان اسم ريفلين مرادفًا للدقة، والنزاهة، والقدرة الفذة على بناء الجسور فوق أعمق الانقسامات الحزبية، لتترك بصمة خالدة في ذاكرة الأمة بأكملها.

رائدة في زمن الرجال: كسر الحواجز من هارفارد إلى واشنطن

– بدأت قصة ريفلين كتحدٍ للواقع؛ ففي الخمسينيات، عندما كانت نسبة النساء الحاصلات على الدكتوراه في الاقتصاد لا تتجاوز 5%، تقدمت بطلب لكلية الإدارة العامة في جامعة هارفارد، ليأتيها الرفض بحجة أن قبول امرأة قد تتزوج قريبًا يُعد “مخاطرة كبيرة”.

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

– لم يُثنها هذا الرفض، بل دفعها لنيل درجة الدكتوراه من كلية رادكليف عام 1958، لتثبت منذ البداية أن العقل والكفاءة لا يعرفان جنسًا.

– عندما حطت رحالها في واشنطن، كانت المناصب القيادية حكرًا على الرجال. لكن بانضمامها إلى “معهد بروكينجز” عام 1957، سرعان ما أدرك قادة السياسة أنهم أمام عقلية فذة، لتبدأ علاقة امتدت لستة عقود، تخللتها فترات من الخدمة العامة في أعلى المناصب، لكنها كانت دائمًا تعود إلى بيتها الفكري في بروكينجز.

المهندسة المعمارية للمؤسسات: بصمة الخالدة

– تجلى الإرث المؤسسي الأبرز لأليس ريفلين عام 1974، عندما وقع عليها اختيار قادة الكونجرس لتولي مهمة تاريخية: تأسيس وإدارة مكتب الميزانية بالكونجرس من الصفر.

– في وقت كانت فيه السلطة التنفيذية تهيمن على المعلومات، أُنشئ المكتب ليكون مصدر الكونجرس المستقل للتحليلات الاقتصادية المحايدة.

– كان اختيار امرأة لهذه المهمة الجسيمة آنذاك شهادة مدوية على حجم الثقة والمصداقية التي بنتها.

– وعلى مدى ثماني سنوات، لم تبنِ ريفلين هذا المكتب فحسب، بل أرست فيه ثقافة من النزاهة والموضوعية صمدت أمام أعتى الضغوط الحزبية، ليصبح المكتب المصدر الأكثر موثوقية للبيانات غير المتحيزة في البلاد، وظلت طوال حياتها أشرس المدافعين عن استقلاليته.

في قلب السلطة: بصمات على أهم ثلاث هيئات اقتصادية

– لم تكتفِ ريفلين بوضع حجر الأساس للمؤسسات، بل قادتها في أحلك الظروف؛ ففي عهد الرئيس بيل كلينتون، حطمت حاجزًا آخر بتعيينها مديرة “مكتب الإدارة والميزانية”، كأول امرأة في تاريخ أمريكا تشغل هذا المنصب الحيوي في البيت الأبيض.

– ومن هناك، انتقلت لتتولى منصب نائب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي)، ثاني أقوى منصب في هذه الهيئة النقدية، لتكون بذلك قد تركت بصمتها على أهم 3 هيئات اقتصادية في الولايات المتحدة.

فلسفة الحكم الرشيد: عقلية نابغة وقلب حنون

– لخصت جانيت يلين، وزيرة الخزانة الأمريكية، شخصية ريفلين بعبارة بليغة، بقولها إنها كانت تمتلك عقلية نابغة وقلبًا حنونًا.

– كانت مثالا يحتذى به في حرصها على الانضباط المالي، لكنها في الوقت نفسه أدركت بعمق أن خلف كل رقم في الميزانية هناك حياة إنسان تتأثر.

– جمعت ببراعة بين النهج البراجماتي في تحليل التكاليف والفوائد، والاهتمام العميق بتأثير السياسات على حياة الأسرة الأمريكية.

– وفي زمن الاستقطاب السياسي الحاد، كانت ريفلين صوت العقل الذي يدعو دائمًا إلى مدّ الجسور ووضع مصلحة الشعب الأمريكي أولاً، مؤمنةً بأن “البرامج التي تؤثر على حياة الناس بشكل عميق يجب أن تنبع من توافق واسع بين الحزبين”.

إرث يتجاوز الأرقام: بوصلة للأجيال القادمة

– كانت أليس ريفلين في كثير من الأحيان المرأة الوحيدة في غرفة صناعة القرار. لكن كما يقول زملاؤها، “من غير المرجح أن يعرف أي أحد في تلك الاجتماعات عن الموضوع أكثر منها”.

– رحلت أليس ريفلين، لكن إرثها في النزاهة والالتزام بسياسة تخدم جميع الأمريكيين سيظل حيًا، وسيبقى إرثها نبراسًا يضيء الدرب لكل من يؤمن بأن السياسة، في أنقى صورها، هي فن تسخير العقل لخدمة القلب.

المصدر: بروكينجز.

اقرأ الخبر من المصدر

مختارات التحليل والأخبار الأقتصادية

أخر الأخبار

- Advertisement -spot_img

‏رحلة في فكرةٍ .. أليس ريفلين وأرقام تتحدث بلغة الشعب

الكاتب:

{pubdate}

– كانت “أليس ريفلين” أكثر من مجرد خبيرة اقتصادية فذة، بل حيث يمكن اعتبارها بمثابة ضمير واشنطن المالي وعقلها التحليلي الصارم، وأحد آخر عمالقة الخدمة العامة الذين كرسوا حياتهم لجعل الأرقام في خدمة الناس.

– وعلى مدى نصف قرن، كان اسم ريفلين مرادفًا للدقة، والنزاهة، والقدرة الفذة على بناء الجسور فوق أعمق الانقسامات الحزبية، لتترك بصمة خالدة في ذاكرة الأمة بأكملها.

رائدة في زمن الرجال: كسر الحواجز من هارفارد إلى واشنطن

– بدأت قصة ريفلين كتحدٍ للواقع؛ ففي الخمسينيات، عندما كانت نسبة النساء الحاصلات على الدكتوراه في الاقتصاد لا تتجاوز 5%، تقدمت بطلب لكلية الإدارة العامة في جامعة هارفارد، ليأتيها الرفض بحجة أن قبول امرأة قد تتزوج قريبًا يُعد “مخاطرة كبيرة”.

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

– لم يُثنها هذا الرفض، بل دفعها لنيل درجة الدكتوراه من كلية رادكليف عام 1958، لتثبت منذ البداية أن العقل والكفاءة لا يعرفان جنسًا.

– عندما حطت رحالها في واشنطن، كانت المناصب القيادية حكرًا على الرجال. لكن بانضمامها إلى “معهد بروكينجز” عام 1957، سرعان ما أدرك قادة السياسة أنهم أمام عقلية فذة، لتبدأ علاقة امتدت لستة عقود، تخللتها فترات من الخدمة العامة في أعلى المناصب، لكنها كانت دائمًا تعود إلى بيتها الفكري في بروكينجز.

المهندسة المعمارية للمؤسسات: بصمة الخالدة

– تجلى الإرث المؤسسي الأبرز لأليس ريفلين عام 1974، عندما وقع عليها اختيار قادة الكونجرس لتولي مهمة تاريخية: تأسيس وإدارة مكتب الميزانية بالكونجرس من الصفر.

– في وقت كانت فيه السلطة التنفيذية تهيمن على المعلومات، أُنشئ المكتب ليكون مصدر الكونجرس المستقل للتحليلات الاقتصادية المحايدة.

– كان اختيار امرأة لهذه المهمة الجسيمة آنذاك شهادة مدوية على حجم الثقة والمصداقية التي بنتها.

– وعلى مدى ثماني سنوات، لم تبنِ ريفلين هذا المكتب فحسب، بل أرست فيه ثقافة من النزاهة والموضوعية صمدت أمام أعتى الضغوط الحزبية، ليصبح المكتب المصدر الأكثر موثوقية للبيانات غير المتحيزة في البلاد، وظلت طوال حياتها أشرس المدافعين عن استقلاليته.

في قلب السلطة: بصمات على أهم ثلاث هيئات اقتصادية

– لم تكتفِ ريفلين بوضع حجر الأساس للمؤسسات، بل قادتها في أحلك الظروف؛ ففي عهد الرئيس بيل كلينتون، حطمت حاجزًا آخر بتعيينها مديرة “مكتب الإدارة والميزانية”، كأول امرأة في تاريخ أمريكا تشغل هذا المنصب الحيوي في البيت الأبيض.

– ومن هناك، انتقلت لتتولى منصب نائب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي)، ثاني أقوى منصب في هذه الهيئة النقدية، لتكون بذلك قد تركت بصمتها على أهم 3 هيئات اقتصادية في الولايات المتحدة.

فلسفة الحكم الرشيد: عقلية نابغة وقلب حنون

– لخصت جانيت يلين، وزيرة الخزانة الأمريكية، شخصية ريفلين بعبارة بليغة، بقولها إنها كانت تمتلك عقلية نابغة وقلبًا حنونًا.

– كانت مثالا يحتذى به في حرصها على الانضباط المالي، لكنها في الوقت نفسه أدركت بعمق أن خلف كل رقم في الميزانية هناك حياة إنسان تتأثر.

– جمعت ببراعة بين النهج البراجماتي في تحليل التكاليف والفوائد، والاهتمام العميق بتأثير السياسات على حياة الأسرة الأمريكية.

– وفي زمن الاستقطاب السياسي الحاد، كانت ريفلين صوت العقل الذي يدعو دائمًا إلى مدّ الجسور ووضع مصلحة الشعب الأمريكي أولاً، مؤمنةً بأن “البرامج التي تؤثر على حياة الناس بشكل عميق يجب أن تنبع من توافق واسع بين الحزبين”.

إرث يتجاوز الأرقام: بوصلة للأجيال القادمة

– كانت أليس ريفلين في كثير من الأحيان المرأة الوحيدة في غرفة صناعة القرار. لكن كما يقول زملاؤها، “من غير المرجح أن يعرف أي أحد في تلك الاجتماعات عن الموضوع أكثر منها”.

– رحلت أليس ريفلين، لكن إرثها في النزاهة والالتزام بسياسة تخدم جميع الأمريكيين سيظل حيًا، وسيبقى إرثها نبراسًا يضيء الدرب لكل من يؤمن بأن السياسة، في أنقى صورها، هي فن تسخير العقل لخدمة القلب.

المصدر: بروكينجز.

اقرأ الخبر من المصدر

Must Read

- Advertisement -spot_img

Editor Picks

هل تحتاج مساعدة لاختيار الباقة الأنسب لك؟