Fx Forsa

الرئيسيةالأخبار الأقتصادية‏عندما تندلع الأزمات العسكرية .. أيهما أفضل لأموالك النقد أم الأصول؟

‏عندما تندلع الأزمات العسكرية .. أيهما أفضل لأموالك النقد أم الأصول؟

-

‏عندما تندلع الأزمات العسكرية .. أيهما أفضل لأموالك النقد أم الأصول؟

الكاتب:

{pubdate}

حين تتصاعد طبول الحرب وتتصدر نشرات الأخبار عناوين التصعيد العسكري، يقف المستثمرون أمام معضلة قديمة متجددة: هل يحتفظون بالنقد تجنبًا للأسوأ؟ أم ينتهزون الفرصة لشراء الأصول تحسبًا لارتفاع أسعار تلك الأصول في ظل الصراعات.

وتجدد السؤال بالطبع مع تصاعد الوضع في منطقة الشرق الأوسط، واستمرار تبادل الضربات العسكرية بين إسرائيل وإيران وتنفيذ الولايات المتحدة قصفًا جويًا بمشاركة قاذفات B‑2 وصواريخ توماهوك على المنشآت النووية الإيرانية في فوردو فجر الأحد الماضي.

ورغم أنباء وقف إطلاق النار بين الأطراف بعدما ردت إيران بقصف قاعدة العديد الأمريكية في قطر أمس الاثنين، إلا أن الوضع لا يزال متأزمًا.

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

وفي مثل تلك الأوضاع يصعب تقديم إجابة واحدة لكل الأزمات، فطبيعة النزاع العسكري من حيث حجمه، ومدته، وأطرافه تلعب دورًا حاسمًا في تحديد المسار الذي ستسلكه الأسواق المالية.

ولكن التجارب التاريخية والبيانات الدقيقة تشير إلى أن الأسواق غالبًا ما تمر بمرحلة اضطراب مؤقت، يليها تعافٍ ملحوظ، مما يغيّر من المعادلة بالنسبة لمن يملكون رؤية بعيدة المدى.

أداء الأسواق خلال الأزمات العسكرية

تُظهر البيانات أن مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” يتراجع في المتوسط بنسبة 6% في الأسابيع الأولى بعد حدوث صدمة جيوسياسية أو عسكرية كبرى، لكن اللافت أن هذا الانخفاض عادة ما يُعوض سريعًا.

وبحسب البيانات، تبدأ الأسواق بالتعافي في غضون 16 يوم تداول، وتُسجل أرباحًا تقارب 15% خلال السنة التالية في كثير من الحالات، بل إن نحو 73% من الأحداث العسكرية التي أعقبت الحرب العالمية الثانية انتهت بتحقيق الأسواق لعوائد إيجابية خلال عام واحد.

وتعزز هذه الأرقام نتائج دراسة صادرة عن إل بي إل فايننشال (LPL Financial) في عام 2022، والتي راقبت أداء الأسواق الأمريكية خلال 22 حدثاً جيوسياسياً كبيراً منذ الحرب العالمية الثانية، بما في ذلك حروب كوريا وفيتنام، وأحداث 11 سبتمبر، وحرب أوكرانيا.

وأشارت الدراسة إلى أن متوسط مدة التراجع الأولي للأسواق بلغ 19 يومًا بمتوسط انخفاض يتراوح بين 5 و6%، لكن الأسواق تعافت خلال الأشهر التالية بوتيرة أسرع من المتوقع في معظم الحالات.

وفي دراسة أخرى أجرتها سي إف آر إيه ريسيرش عام 2023، والتي حللت تأثير النزاعات الجيوسياسية الممتدة، وخصوصاً تلك التي تستمر أكثر من ستة أشهر، وجدت أن القطاعات الدفاعية والطاقة عادة ما تحقق مكاسب استثنائية خلال فترة النزاعات.

على الجانب الآخر، تتعافى القطاعات الاستهلاكية والتكنولوجية بشكل ملحوظ بعد استقرار الأوضاع، بحسب الدراسة.

كما أوضحت بيانات بلومبرج وجولدمان ساكس أن الأسواق الأمريكية بعد أحداث مثل غزو العراق عام 2003، شهدت ارتدادات قوية بعد شهور من بداية العمليات العسكرية.

ويُرجع المحللون هذه الديناميكية إلى عاملين رئيسيين هما الطبيعة المؤقتة للذعر الأولي، إذ غالبًا ما يبالغ المستثمرون في ردود أفعالهم مع بداية الأزمات، فيحدث بيع مكثف، يتبعه إعادة تقييم أكثر هدوءاً بعد اتضاح مسار الأحداث.

أما العامل الثاني فهو استمرار الاقتصاد الحقيقي في العمل حيث تظل القطاعات الإنتاجية والخدمية الكبرى فعالة رغم الحروب، ما يدفع عجلة الأرباح للعودة للنمو بعد استيعاب الصدمة الأولى.

النقد ملاذ مرن ولكن..

يوفر النقد سيولة فورية تمنح المستثمرين هامش مناورة خلال الأزمات، وهو ما يغري الكثيرين باللجوء إليه في اللحظات الأولى من التصعيد العسكري.

غير أن الاحتفاظ الطويل بالنقد يحمل مخاطرة مؤكدة مع التآكل المستمر للقوة الشرائية بفعل التضخم، وهو ما يتفاقم عادة مع تصاعد النزاعات التي تدفع بأسعار الطاقة والسلع إلى الارتفاع.

ووفق البيانات الممتدة منذ 1928، بلغ متوسط العائد السنوي على النقد حوالي 3.3% فقط، وهو الأدنى بين كافة الأصول الاستثمارية.

الذهب مقابل الأسهم

عندما تشتد الأزمات، يقف الذهب في المقدمة كأحد أبرز الملاذات التقليدية، فعلى مدار العقود، أثبت المعدن الأصفر قدرته على حفظ القيمة في أوقات التضخم وعدم اليقين السياسي والمصرفي.

وتزداد أهمية الذهب تحديداً في المراحل الأولى من الأزمات الحادة، إذ يميل المستثمرون إلى الابتعاد عن الأصول المرتبطة بالاقتصاد الحقيقي والتحول إلى الذهب كملاذ نفسي يحافظ على الثروة في مواجهة الفوضى.

ورغم أن الذهب حقق مكاسب قوية منذ بداية عام 2025 وحتى الآن فاقت 35%، إلا أن متوسط العائد السنوي تاريخياً يصل لنحو 5%، وهى نسبة تفوق عوائد النقد لكنها تظل دون عوائد الأسهم.

فعلى سبيل المثال تشير البيانات إلى أنه منذ عام 1928، حققت الأسهم الأمريكية (ستاندرد آند بورز 500) متوسط عائد سنوي بلغ 9.9%، ما يجعلها الأداة الأقوى في توليد الثروات للمستثمرين الصبورين القادرين على تحمل تقلبات الأسواق قصيرة الأجل.

فرغم التراجعات الحادة التي تضرب أسواق الأسهم في الأيام والأسابيع الأولى من اندلاع الحروب، فإن التاريخ يظهر أن هذه التراجعات توفر فرصاً مغرية للشراء في معظم الحالات، لتبقى الأسهم هي الأصل الأكثر تفوقاً من حيث العائد التراكمي على المدى البعيد.

وتزداد جاذبية الأسهم في قطاعات معينة خلال الأزمات العسكرية، خاصة شركات الدفاع والطاقة والسلع الأساسية التي تستفيد مباشرة من ارتفاع الطلب والأسعار في بيئات النزاعات الطويلة.

على سبيل المثال، خلال التوترات المتزايدة بين إيران وإسرائيل، سجلت أسهم شركات الطاقة الأمريكية والأوروبية ارتفاعات قياسية مستفيدة من القلق حول إمدادات النفط والغاز.

العملات الرقمية قيد التجربة

في السنوات الأخيرة، دخلت العملات الرقمية -وخاصة بيتكوين- إلى طاولة المقارنة كملاذ محتمل خلال الأزمات.

ورغم أنها اكتسبت شعبية باعتبارها “ذهبًا رقميًا”، إلا أن بيانات السنوات الأخيرة تكشف عن سلوك شديد التذبذب لهذه الفئة من الأصول عند اندلاع الأزمات الكبرى.

ففي بعض النزاعات شهدت العملات الرقمية ارتفاعات حادة، بينما سجلت انهيارات مفاجئة في أزمات أخرى، وهو ما يجعلها حتى الآن أصلًا مرتفع المخاطر لا يمكن الاعتماد عليه كملاذ آمن تقليدي، خاصة في بيئات النزاعات العسكرية الشاملة التي تصاحبها اضطرابات واسعة في الأنظمة المصرفية والمالية.

مقارنة بين الأصول خلال الأزمات العسكرية

الأصل

الميزة الأساسية

المخاطر الرئيسة

النقد

سيولة فورية وسهولة اتخاذ القرار

تآكل القوة الشرائية بفعل التضخم

الذهب

تحوّط ضد التضخم وعدم اليقين السياسي

لا يدر عوائد تشغيلية

الأسهم

أعلى عوائد تراكمية على المدى الطويل

تقلبات حادة عند الأزمات

العملات الرقمية

احتمالية نمو سريع ولامركزي

تذبذبات شديدة وعدم استقرار تنظيمي

الاستراتيجية المثلى وقت الأزمات

لا توجد وصفة سحرية واحدة تناسب جميع الأزمات العسكرية، إذ تختلف نتائج الأسواق المالية بحسب طبيعة كل صراع ومدى تأثيره الجغرافي والسياسي والاقتصادي.

ومع ذلك، يبقى التنويع المدروس صمام الأمان الأهم للمستثمرين في مثل هذه الفترات حيث تشير التوصيات التاريخية إلى أن التوازن بين عدة أدوات استثمارية يمنح المحفظة مرونة وقوة في مواجهة التقلبات.

في هذا السياق، ينصح الخبراء المستثمرين بالاحتفاظ بجزء من السيولة يتراوح بين 10 و15% من المحفظة الاستثمارية، هذه السيولة تتيح لهم استغلال فرص الشراء عند التراجعات المفاجئة للأسواق، والتي كثيرًا ما تحدث مع بدء أو تصاعد التوترات العسكرية.

كذلك، يمثل الذهب أحد أدوات التحوط التقليدية الفعالة في بدايات التصعيدات الجيوسياسية.

ويوصى الخبراء بتخصيص نسبة تتراوح بين 10 و15% من المحفظة الاستثمارية للذهب، خاصة في المراحل الأولى للأزمات، حيث يعمل كملاذ آمن في مواجهة تراجع الثقة بالعملات أو اضطراب الأسواق النقدية.

أما النسبة الأكبر من المحفظة، فيمكن توجيهها للاستثمار في الأسهم عالية الجودة، مع التركيز على القطاعات الدفاعية وقطاع الطاقة، إذ تُظهر هذه القطاعات عادة أداءً قوياً خلال الحروب.

ورغم تحذير المختصين من تقلباتها العالية، يمكن لبعض المستثمرين ذوي الشهية المرتفعة للمخاطر تخصيص حصة محدودة من المحفظة للعملات الرقمية.

في نهاية المطاف، تثبت التجارب التاريخية أن أكثر المستثمرين نجاحًا في مواجهة الأزمات العسكرية هم أولئك الذين يحافظون على رباطة جأشهم وسط التقلبات، ويديرون محافظهم بتوازن مدروس بين الأمان والمخاطرة.

بينما يدفع الذعر البعض إلى المبالغة في الحذر أو التمسك المفرط بالسيولة النقدية، ينجح المستثمرون الهادئون في اقتناص الفرص الكامنة في الأزمات وتحويل لحظات الاضطراب إلى مكاسب تراكمية تعزز ثرواتهم على المدى الطويل.

المصادر: أرقام- بيزنس إنسايدر- ماركت وتش- جيه بي مورجان- دويتشيه بنك- مورنينج ستار- بلومبرج- جولدمان ساكس

اقرأ الخبر من المصدر

مختارات التحليل والأخبار الأقتصادية

أخر الأخبار

- Advertisement -spot_img

‏عندما تندلع الأزمات العسكرية .. أيهما أفضل لأموالك النقد أم الأصول؟

الكاتب:

{pubdate}

حين تتصاعد طبول الحرب وتتصدر نشرات الأخبار عناوين التصعيد العسكري، يقف المستثمرون أمام معضلة قديمة متجددة: هل يحتفظون بالنقد تجنبًا للأسوأ؟ أم ينتهزون الفرصة لشراء الأصول تحسبًا لارتفاع أسعار تلك الأصول في ظل الصراعات.

وتجدد السؤال بالطبع مع تصاعد الوضع في منطقة الشرق الأوسط، واستمرار تبادل الضربات العسكرية بين إسرائيل وإيران وتنفيذ الولايات المتحدة قصفًا جويًا بمشاركة قاذفات B‑2 وصواريخ توماهوك على المنشآت النووية الإيرانية في فوردو فجر الأحد الماضي.

ورغم أنباء وقف إطلاق النار بين الأطراف بعدما ردت إيران بقصف قاعدة العديد الأمريكية في قطر أمس الاثنين، إلا أن الوضع لا يزال متأزمًا.

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

وفي مثل تلك الأوضاع يصعب تقديم إجابة واحدة لكل الأزمات، فطبيعة النزاع العسكري من حيث حجمه، ومدته، وأطرافه تلعب دورًا حاسمًا في تحديد المسار الذي ستسلكه الأسواق المالية.

ولكن التجارب التاريخية والبيانات الدقيقة تشير إلى أن الأسواق غالبًا ما تمر بمرحلة اضطراب مؤقت، يليها تعافٍ ملحوظ، مما يغيّر من المعادلة بالنسبة لمن يملكون رؤية بعيدة المدى.

أداء الأسواق خلال الأزمات العسكرية

تُظهر البيانات أن مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” يتراجع في المتوسط بنسبة 6% في الأسابيع الأولى بعد حدوث صدمة جيوسياسية أو عسكرية كبرى، لكن اللافت أن هذا الانخفاض عادة ما يُعوض سريعًا.

وبحسب البيانات، تبدأ الأسواق بالتعافي في غضون 16 يوم تداول، وتُسجل أرباحًا تقارب 15% خلال السنة التالية في كثير من الحالات، بل إن نحو 73% من الأحداث العسكرية التي أعقبت الحرب العالمية الثانية انتهت بتحقيق الأسواق لعوائد إيجابية خلال عام واحد.

وتعزز هذه الأرقام نتائج دراسة صادرة عن إل بي إل فايننشال (LPL Financial) في عام 2022، والتي راقبت أداء الأسواق الأمريكية خلال 22 حدثاً جيوسياسياً كبيراً منذ الحرب العالمية الثانية، بما في ذلك حروب كوريا وفيتنام، وأحداث 11 سبتمبر، وحرب أوكرانيا.

وأشارت الدراسة إلى أن متوسط مدة التراجع الأولي للأسواق بلغ 19 يومًا بمتوسط انخفاض يتراوح بين 5 و6%، لكن الأسواق تعافت خلال الأشهر التالية بوتيرة أسرع من المتوقع في معظم الحالات.

وفي دراسة أخرى أجرتها سي إف آر إيه ريسيرش عام 2023، والتي حللت تأثير النزاعات الجيوسياسية الممتدة، وخصوصاً تلك التي تستمر أكثر من ستة أشهر، وجدت أن القطاعات الدفاعية والطاقة عادة ما تحقق مكاسب استثنائية خلال فترة النزاعات.

على الجانب الآخر، تتعافى القطاعات الاستهلاكية والتكنولوجية بشكل ملحوظ بعد استقرار الأوضاع، بحسب الدراسة.

كما أوضحت بيانات بلومبرج وجولدمان ساكس أن الأسواق الأمريكية بعد أحداث مثل غزو العراق عام 2003، شهدت ارتدادات قوية بعد شهور من بداية العمليات العسكرية.

ويُرجع المحللون هذه الديناميكية إلى عاملين رئيسيين هما الطبيعة المؤقتة للذعر الأولي، إذ غالبًا ما يبالغ المستثمرون في ردود أفعالهم مع بداية الأزمات، فيحدث بيع مكثف، يتبعه إعادة تقييم أكثر هدوءاً بعد اتضاح مسار الأحداث.

أما العامل الثاني فهو استمرار الاقتصاد الحقيقي في العمل حيث تظل القطاعات الإنتاجية والخدمية الكبرى فعالة رغم الحروب، ما يدفع عجلة الأرباح للعودة للنمو بعد استيعاب الصدمة الأولى.

النقد ملاذ مرن ولكن..

يوفر النقد سيولة فورية تمنح المستثمرين هامش مناورة خلال الأزمات، وهو ما يغري الكثيرين باللجوء إليه في اللحظات الأولى من التصعيد العسكري.

غير أن الاحتفاظ الطويل بالنقد يحمل مخاطرة مؤكدة مع التآكل المستمر للقوة الشرائية بفعل التضخم، وهو ما يتفاقم عادة مع تصاعد النزاعات التي تدفع بأسعار الطاقة والسلع إلى الارتفاع.

ووفق البيانات الممتدة منذ 1928، بلغ متوسط العائد السنوي على النقد حوالي 3.3% فقط، وهو الأدنى بين كافة الأصول الاستثمارية.

الذهب مقابل الأسهم

عندما تشتد الأزمات، يقف الذهب في المقدمة كأحد أبرز الملاذات التقليدية، فعلى مدار العقود، أثبت المعدن الأصفر قدرته على حفظ القيمة في أوقات التضخم وعدم اليقين السياسي والمصرفي.

وتزداد أهمية الذهب تحديداً في المراحل الأولى من الأزمات الحادة، إذ يميل المستثمرون إلى الابتعاد عن الأصول المرتبطة بالاقتصاد الحقيقي والتحول إلى الذهب كملاذ نفسي يحافظ على الثروة في مواجهة الفوضى.

ورغم أن الذهب حقق مكاسب قوية منذ بداية عام 2025 وحتى الآن فاقت 35%، إلا أن متوسط العائد السنوي تاريخياً يصل لنحو 5%، وهى نسبة تفوق عوائد النقد لكنها تظل دون عوائد الأسهم.

فعلى سبيل المثال تشير البيانات إلى أنه منذ عام 1928، حققت الأسهم الأمريكية (ستاندرد آند بورز 500) متوسط عائد سنوي بلغ 9.9%، ما يجعلها الأداة الأقوى في توليد الثروات للمستثمرين الصبورين القادرين على تحمل تقلبات الأسواق قصيرة الأجل.

فرغم التراجعات الحادة التي تضرب أسواق الأسهم في الأيام والأسابيع الأولى من اندلاع الحروب، فإن التاريخ يظهر أن هذه التراجعات توفر فرصاً مغرية للشراء في معظم الحالات، لتبقى الأسهم هي الأصل الأكثر تفوقاً من حيث العائد التراكمي على المدى البعيد.

وتزداد جاذبية الأسهم في قطاعات معينة خلال الأزمات العسكرية، خاصة شركات الدفاع والطاقة والسلع الأساسية التي تستفيد مباشرة من ارتفاع الطلب والأسعار في بيئات النزاعات الطويلة.

على سبيل المثال، خلال التوترات المتزايدة بين إيران وإسرائيل، سجلت أسهم شركات الطاقة الأمريكية والأوروبية ارتفاعات قياسية مستفيدة من القلق حول إمدادات النفط والغاز.

العملات الرقمية قيد التجربة

في السنوات الأخيرة، دخلت العملات الرقمية -وخاصة بيتكوين- إلى طاولة المقارنة كملاذ محتمل خلال الأزمات.

ورغم أنها اكتسبت شعبية باعتبارها “ذهبًا رقميًا”، إلا أن بيانات السنوات الأخيرة تكشف عن سلوك شديد التذبذب لهذه الفئة من الأصول عند اندلاع الأزمات الكبرى.

ففي بعض النزاعات شهدت العملات الرقمية ارتفاعات حادة، بينما سجلت انهيارات مفاجئة في أزمات أخرى، وهو ما يجعلها حتى الآن أصلًا مرتفع المخاطر لا يمكن الاعتماد عليه كملاذ آمن تقليدي، خاصة في بيئات النزاعات العسكرية الشاملة التي تصاحبها اضطرابات واسعة في الأنظمة المصرفية والمالية.

مقارنة بين الأصول خلال الأزمات العسكرية

الأصل

الميزة الأساسية

المخاطر الرئيسة

النقد

سيولة فورية وسهولة اتخاذ القرار

تآكل القوة الشرائية بفعل التضخم

الذهب

تحوّط ضد التضخم وعدم اليقين السياسي

لا يدر عوائد تشغيلية

الأسهم

أعلى عوائد تراكمية على المدى الطويل

تقلبات حادة عند الأزمات

العملات الرقمية

احتمالية نمو سريع ولامركزي

تذبذبات شديدة وعدم استقرار تنظيمي

الاستراتيجية المثلى وقت الأزمات

لا توجد وصفة سحرية واحدة تناسب جميع الأزمات العسكرية، إذ تختلف نتائج الأسواق المالية بحسب طبيعة كل صراع ومدى تأثيره الجغرافي والسياسي والاقتصادي.

ومع ذلك، يبقى التنويع المدروس صمام الأمان الأهم للمستثمرين في مثل هذه الفترات حيث تشير التوصيات التاريخية إلى أن التوازن بين عدة أدوات استثمارية يمنح المحفظة مرونة وقوة في مواجهة التقلبات.

في هذا السياق، ينصح الخبراء المستثمرين بالاحتفاظ بجزء من السيولة يتراوح بين 10 و15% من المحفظة الاستثمارية، هذه السيولة تتيح لهم استغلال فرص الشراء عند التراجعات المفاجئة للأسواق، والتي كثيرًا ما تحدث مع بدء أو تصاعد التوترات العسكرية.

كذلك، يمثل الذهب أحد أدوات التحوط التقليدية الفعالة في بدايات التصعيدات الجيوسياسية.

ويوصى الخبراء بتخصيص نسبة تتراوح بين 10 و15% من المحفظة الاستثمارية للذهب، خاصة في المراحل الأولى للأزمات، حيث يعمل كملاذ آمن في مواجهة تراجع الثقة بالعملات أو اضطراب الأسواق النقدية.

أما النسبة الأكبر من المحفظة، فيمكن توجيهها للاستثمار في الأسهم عالية الجودة، مع التركيز على القطاعات الدفاعية وقطاع الطاقة، إذ تُظهر هذه القطاعات عادة أداءً قوياً خلال الحروب.

ورغم تحذير المختصين من تقلباتها العالية، يمكن لبعض المستثمرين ذوي الشهية المرتفعة للمخاطر تخصيص حصة محدودة من المحفظة للعملات الرقمية.

في نهاية المطاف، تثبت التجارب التاريخية أن أكثر المستثمرين نجاحًا في مواجهة الأزمات العسكرية هم أولئك الذين يحافظون على رباطة جأشهم وسط التقلبات، ويديرون محافظهم بتوازن مدروس بين الأمان والمخاطرة.

بينما يدفع الذعر البعض إلى المبالغة في الحذر أو التمسك المفرط بالسيولة النقدية، ينجح المستثمرون الهادئون في اقتناص الفرص الكامنة في الأزمات وتحويل لحظات الاضطراب إلى مكاسب تراكمية تعزز ثرواتهم على المدى الطويل.

المصادر: أرقام- بيزنس إنسايدر- ماركت وتش- جيه بي مورجان- دويتشيه بنك- مورنينج ستار- بلومبرج- جولدمان ساكس

اقرأ الخبر من المصدر

Must Read

- Advertisement -spot_img

Editor Picks

هل تحتاج مساعدة لاختيار الباقة الأنسب لك؟