Fx Forsa

الرئيسيةالأخبار الأقتصادية‏مستقبل المعاشات التقاعدية .. هل تنهار قبل أن يستفيد منها جيل الألفية؟

‏مستقبل المعاشات التقاعدية .. هل تنهار قبل أن يستفيد منها جيل الألفية؟

-

‏مستقبل المعاشات التقاعدية .. هل تنهار قبل أن يستفيد منها جيل الألفية؟

الكاتب:

{pubdate}

في أحد مقاهي بروكلين الصاخبة بنيويورك، جلس “مايكل ريد”، موظف ثلاثيني من جيل الألفية، يحتسي كوبًا من القهوة التي اعتاد أن يتناولها في مثل هذا الوقت من كل يوم بينما يتصفح كشف حسابه البنكي عبر هاتفه.

وعند مروره بالجزء الخاص بالادخار للتقاعد توقف أمام هذا القسم لبعض الوقت، ليجد أن رقم هذه الفئة لا يتجاوز بضع عشرات الآلاف من الدولارات، وهو مبلغ يعرف أنه لا يكفي سوى لبضعة أعوام من حياة تقاعدية متواضعة، إذا كُتب له أن يصل أصلًا إلى تلك المرحلة.

ويتذكر “ريد” والده، حينما كان يعود من عمله كل مساء وهو يتحدث من فترة لأخرى عن أحلام راتب التقاعد الذي ينتظره في نهاية خدمته، ومظلة التأمين الصحي الذي ستحميه من أي طارئ.

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

أما هو، فيدرك أن هذه الامتيازات لم تعد مضمونة كما كانت في السابق، فجيل والده كان يعيش في عالم يعرف حدودًا واضحة بين سنوات العمل وسنوات الراحة، أما جيله، فيجد نفسه أمام معادلة جديدة قاسية وهي العمل حتى عمر متأخر، أو مواجهة شيخوخة بلا أمان مالي.

هذا القلق لا يخص مايكل وحده، بل يطارد ملايين من أقرانه حول العالم من جيل الألفية، وهم أولئك المولدون تقريبًا بين عامي 1981 و1996، ويشكلون اليوم العمود الفقري للقوى العاملة العالمية.

وأصبح يتردد على ألسنة الكثيرين منهم تساؤل عن “هل سنرى فعلًا ثمرة ادخارنا؟ أم أن أنظمة التقاعد ستنهار قبل أن نحصل على أول معاش شهري؟ دون الحصول على إجابة شافية.

أعباء الشيخوخة وتقلص قاعدة المساهمين

تشهد أنظمة التقاعد العالمية ضغوطًا غير مسبوقة مع تغيّر التركيبة السكانية، وارتفاع متوسط الأعمار، وتباطؤ النمو الاقتصادي.

ووفقًا لتقرير صندوق النقد الدولي في 2024، فإن نسبة المسنين (65 عامًا فما فوق) إلى القوى العاملة في الاقتصادات المتقدمة سترتفع من 30% في عام 2020 إلى أكثر من 50% بحلول عام 2050.

هذا يعني أن هناك عدداً أقل من العاملين سيُموّل معاشات عدد أكبر من المتقاعدين، مما قد يتسبب في تداعيات عميقة على أنظمة التقاعد القائمة على مبدأ “الدفع أثناء الخدمة”.

كما يوضح تحليل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن التقدم في العمر يفرض مقايضات طويلة الأمد بين حجم الإنفاق وكفاية المعاشات، مع اختلافات واسعة بين الدول في كيفية التعامل مع هذه التحديات.

فبينما اتجهت دول مثل ألمانيا واليابان إلى رفع سن التقاعد تدريجيًا، فضّلت دول أخرى كالولايات المتحدة التركيز على تعزيز خطط الادخار الخاصة كجزء من الحل.

الخطر الأكبر يكمن في أن هذه الضغوط تأتي في وقت يشهد الاقتصاد العالمي تباطؤًا في النمو وارتفاعًا في معدلات البطالة بين الشباب، ما يقلّص من قدرة الجيل الجديد على تحمّل أعباء إضافية.

ومع تقلص قاعدة المساهمين وارتفاع أعداد المستفيدين، يصبح السؤال الملح: هل تستطيع أنظمة التقاعد التقليدية البقاء على قيد الحياة دون إصلاحات جذرية؟

فجوة تمويلية تتسع

حذرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في تقرير لها من أن صناديق التقاعد في العديد من الدول تواجه فجوة تمويلية تتجاوز 78 تريليون دولار على مستوى العالم.

ففي الولايات المتحدة، يقدّر مكتب الميزانية في الكونجرس أن الضمان الاجتماعي قد يستنفد احتياطياته بحلول عام 2033، مما قد يؤدي إلى خفض المدفوعات بنسبة تصل إلى 23% إن لم تُتخذ إصلاحات عاجلة.

دول سيكون لديها النسبة الأعلى من كبار السن الذين يصل عمرهم 65 عامًا فأكثر بحلول 2050

الترتيب

الدولة

النسبة

1

الصين

40.6 %

2

كوريا الجنوبية

39.4 %

3

اليابان

37.5 %

4

إيطاليا

37.1 %

5

إسبانيا

36.6 %

6

تايوان

35.3 %

7

اليونان

34.8 %

8

البرتغال

34.5 %

الأمر لا يقتصر على الولايات المتحدة، ففي أوروبا يسلّط تقرير المفوضية الأوروبية حول الشيخوخة الضوء على أن نسبة الإنفاق على المعاشات قد ترتفع تدريجيًا لتتجاوز 12% من الناتج المحلي الإجمالي في بعض الدول بحلول عام 2070، ما لم يتم تعديل سياسات التقاعد.

كما تواجه دول مثل فرنسا وألمانيا تحديات مرتبطة بارتفاع الأعمار المتوقعة وتباطؤ معدلات النمو السكاني، مما يضع عبئًا متزايدًا على القوى العاملة الأصغر سنًا.

وفي الأسواق الناشئة، تبدو التحديات أكثر خطورة، إذ يشير البنك الدولي إلى أن العديد من أنظمة التقاعد في آسيا وأمريكا اللاتينية لا تزال غير ممولة بالكامل وتعتمد بشكل كبير على التحويلات الحكومية.

هذه المعطيات تجعل من فجوة التمويل في أنظمة التقاعد أزمة عالمية متنامية، لا تقتصر على بلد أو قارة، بل تشكّل تهديدًا عابرًا للحدود مع تداعيات اقتصادية واجتماعية عميقة وواسعة النطاق.

هل جيل الألفية الخاسر الأكبر؟

يشير تقرير صادر عن منتدى الاقتصاد العالمي إلى أن الأفراد من جيل الألفية يحتاجون إلى ادخار ما يقرب من 1.8 إلى 2.5 مليون دولار لضمان تقاعد مريح، نظرًا لاحتمال ارتفاع أعمارهم إلى ما بعد الثمانينيات.

ومع ارتفاع تكاليف السكن والتعليم والرعاية الصحية، فإن القدرة على الادخار لهذه المبالغ تبدو صعبة المنال، مما يضعهم في وضع أكثر هشاشة مقارنة بالأجيال السابقة.

فبحسب البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، فإن متوسط المدخرات التقاعدية للأسر التي يقودها شخص من جيل الألفية لا يتجاوز 40 ألف دولار حتى عام 2023، وهو فارق شاسع مقارنة بالمستوى المطلوب لتحقيق الأمان المالي بعد التقاعد.

وفي أوروبا، يواجه جيل الألفية تحديات مشابهة، إذ إن الكثير منهم يعمل في وظائف بعقود مؤقتة أو بدوام جزئي، ما يضعف قدرتهم على المساهمة في خطط التقاعد طويلة الأجل.

وفي الأسواق الناشئة، تتفاقم المخاطر، حيث تفتقر شريحة كبيرة من العمال إلى أي تغطية تقاعدية رسمية، مما يعني اعتمادًا شبه كامل على المدخرات الشخصية أو دعم الأسرة.

كما أن تأخر سن دخول جيل الألفية إلى سوق العمل بعد الأزمة المالية العالمية 2008، وتداعيات جائحة كوفيد-19 لاحقًا، قلّصت سنوات الادخار المتاحة أمامهم.

وهذا يجعلهم أكثر هشاشة من الناحية المالية مقارنة بجيل “طفرة المواليد” الذي استفاد من نمو اقتصادي قوي وأسواق عمل أكثر استقرارًا.

النتيجة أن جيل الألفية قد يكون بالفعل الخاسر الأكبر في معركة التقاعد، ليس فقط بسبب ضعف المدخرات، ولكن أيضًا لأنهم سيكونون الجيل الذي سيتحمّل كلفة إنقاذ أنظمة التقاعد الحالية عبر الضرائب أو تخفيض المزايا.

إصلاحات مطلوبة لتجنب الانهيار

أجمعت جهات دولية على أن إنقاذ أنظمة التقاعد العالمية يتطلب حزمة من الإصلاحات الجذرية، إذ لم يعد من الممكن الإبقاء على سن التقاعد كما هو خاصة مع ارتفاع متوسط الأعمار عالميًا.

لذلك، أوصت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية برفع سن التقاعد تدريجيًا بما يتناسب مع التحولات الديموغرافية، بحيث يعكس الواقع الجديد الذي بات فيه كثيرون يعيشون لعقدين أو أكثر بعد التقاعد.

هذا التغيير، وإن كان مثيرًا للجدل اجتماعيًا، يُنظر إليه كخيار لا مفر منه لتخفيف الضغوط المالية على أنظمة الضمان الاجتماعي.

إلى جانب ذلك، شدد البنك الدولي (2022) على أهمية تشجيع خطط الادخار الخاصة عبر تقديم حوافز ضريبية سخية للأفراد.

الدول التي لديها أفضل أنظمة تقاعد، وفقًا لمؤشر “ميرسر للمعاشات التقاعدية” لعام 2024 مقارنة بين 48 دولة

الترتيب

الدولة

القيمة الإجمالية

1

هولندا

84.8

2

أيسلندا

83.4

3

الدنمارك

81.6

4

سنغافورة

78.7

5

فنلندا

75.9

فالاعتماد على المعاش الحكومي وحده لم يعد كافيًا، خاصة مع تزايد التوقعات بأن أجيال المستقبل ستحصل على مزايا أقل، ومن خلال تعزيز ثقافة الادخار المبكر وربطها بمكافآت مالية وضريبية، يمكن خلق جيل أكثر استعدادًا للتقاعد.

كما حذّر صندوق النقد الدولي من أن اعتماد صناديق التقاعد على أدوات استثمارية محدودة يجعلها عرضة لتقلبات الأسواق، ولذلك دعا إلى تنويع المحافظ الاستثمارية، مما يعزز فرص تحقيق عائدات مستقرة طويلة الأجل.

إلى جانب هذه الخطوات، تبرز فكرة الأنظمة الهجينة التي تمزج بين مزايا الضمان الاجتماعي الحكومي والمعاشات الخاصة كأحد الحلول الأكثر واقعية.

في النهاية، يقف العالم أمام مفترق طرق حاسم، فإما أن تُتخذ إصلاحات جريئة تعيد التوازن إلى أنظمة التقاعد قبل أن تبتلعها موجة الشيخوخة ويقل عدد المساهمين فيها، أو مواجهة مستقبلًا يشيخ فيه الناس أسرع من مدخراتهم.

وبينما يتساءل جيل الألفية بقلق عمّا إذا كانوا سيرون ثمرة ما ادخروا يومًا، يبقى الخيار بيد الحكومات والمؤسسات اليوم، فالتقاعس لم يعد رفاهية، بل مخرج مؤكد لأزمة لا مفر منها.

المصادر: أرقام- صندوق النقد الدولي- المرصد المالي- منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية -مكتب الميزانية في الكونجرس الأمريكي- المنتدى الاقتصادي العالمي- البنك الدولي

اقرأ الخبر من المصدر

مختارات التحليل والأخبار الأقتصادية

أخر الأخبار

- Advertisement -spot_img

‏مستقبل المعاشات التقاعدية .. هل تنهار قبل أن يستفيد منها جيل الألفية؟

الكاتب:

{pubdate}

في أحد مقاهي بروكلين الصاخبة بنيويورك، جلس “مايكل ريد”، موظف ثلاثيني من جيل الألفية، يحتسي كوبًا من القهوة التي اعتاد أن يتناولها في مثل هذا الوقت من كل يوم بينما يتصفح كشف حسابه البنكي عبر هاتفه.

وعند مروره بالجزء الخاص بالادخار للتقاعد توقف أمام هذا القسم لبعض الوقت، ليجد أن رقم هذه الفئة لا يتجاوز بضع عشرات الآلاف من الدولارات، وهو مبلغ يعرف أنه لا يكفي سوى لبضعة أعوام من حياة تقاعدية متواضعة، إذا كُتب له أن يصل أصلًا إلى تلك المرحلة.

ويتذكر “ريد” والده، حينما كان يعود من عمله كل مساء وهو يتحدث من فترة لأخرى عن أحلام راتب التقاعد الذي ينتظره في نهاية خدمته، ومظلة التأمين الصحي الذي ستحميه من أي طارئ.

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

أما هو، فيدرك أن هذه الامتيازات لم تعد مضمونة كما كانت في السابق، فجيل والده كان يعيش في عالم يعرف حدودًا واضحة بين سنوات العمل وسنوات الراحة، أما جيله، فيجد نفسه أمام معادلة جديدة قاسية وهي العمل حتى عمر متأخر، أو مواجهة شيخوخة بلا أمان مالي.

هذا القلق لا يخص مايكل وحده، بل يطارد ملايين من أقرانه حول العالم من جيل الألفية، وهم أولئك المولدون تقريبًا بين عامي 1981 و1996، ويشكلون اليوم العمود الفقري للقوى العاملة العالمية.

وأصبح يتردد على ألسنة الكثيرين منهم تساؤل عن “هل سنرى فعلًا ثمرة ادخارنا؟ أم أن أنظمة التقاعد ستنهار قبل أن نحصل على أول معاش شهري؟ دون الحصول على إجابة شافية.

أعباء الشيخوخة وتقلص قاعدة المساهمين

تشهد أنظمة التقاعد العالمية ضغوطًا غير مسبوقة مع تغيّر التركيبة السكانية، وارتفاع متوسط الأعمار، وتباطؤ النمو الاقتصادي.

ووفقًا لتقرير صندوق النقد الدولي في 2024، فإن نسبة المسنين (65 عامًا فما فوق) إلى القوى العاملة في الاقتصادات المتقدمة سترتفع من 30% في عام 2020 إلى أكثر من 50% بحلول عام 2050.

هذا يعني أن هناك عدداً أقل من العاملين سيُموّل معاشات عدد أكبر من المتقاعدين، مما قد يتسبب في تداعيات عميقة على أنظمة التقاعد القائمة على مبدأ “الدفع أثناء الخدمة”.

كما يوضح تحليل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن التقدم في العمر يفرض مقايضات طويلة الأمد بين حجم الإنفاق وكفاية المعاشات، مع اختلافات واسعة بين الدول في كيفية التعامل مع هذه التحديات.

فبينما اتجهت دول مثل ألمانيا واليابان إلى رفع سن التقاعد تدريجيًا، فضّلت دول أخرى كالولايات المتحدة التركيز على تعزيز خطط الادخار الخاصة كجزء من الحل.

الخطر الأكبر يكمن في أن هذه الضغوط تأتي في وقت يشهد الاقتصاد العالمي تباطؤًا في النمو وارتفاعًا في معدلات البطالة بين الشباب، ما يقلّص من قدرة الجيل الجديد على تحمّل أعباء إضافية.

ومع تقلص قاعدة المساهمين وارتفاع أعداد المستفيدين، يصبح السؤال الملح: هل تستطيع أنظمة التقاعد التقليدية البقاء على قيد الحياة دون إصلاحات جذرية؟

فجوة تمويلية تتسع

حذرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في تقرير لها من أن صناديق التقاعد في العديد من الدول تواجه فجوة تمويلية تتجاوز 78 تريليون دولار على مستوى العالم.

ففي الولايات المتحدة، يقدّر مكتب الميزانية في الكونجرس أن الضمان الاجتماعي قد يستنفد احتياطياته بحلول عام 2033، مما قد يؤدي إلى خفض المدفوعات بنسبة تصل إلى 23% إن لم تُتخذ إصلاحات عاجلة.

دول سيكون لديها النسبة الأعلى من كبار السن الذين يصل عمرهم 65 عامًا فأكثر بحلول 2050

الترتيب

الدولة

النسبة

1

الصين

40.6 %

2

كوريا الجنوبية

39.4 %

3

اليابان

37.5 %

4

إيطاليا

37.1 %

5

إسبانيا

36.6 %

6

تايوان

35.3 %

7

اليونان

34.8 %

8

البرتغال

34.5 %

الأمر لا يقتصر على الولايات المتحدة، ففي أوروبا يسلّط تقرير المفوضية الأوروبية حول الشيخوخة الضوء على أن نسبة الإنفاق على المعاشات قد ترتفع تدريجيًا لتتجاوز 12% من الناتج المحلي الإجمالي في بعض الدول بحلول عام 2070، ما لم يتم تعديل سياسات التقاعد.

كما تواجه دول مثل فرنسا وألمانيا تحديات مرتبطة بارتفاع الأعمار المتوقعة وتباطؤ معدلات النمو السكاني، مما يضع عبئًا متزايدًا على القوى العاملة الأصغر سنًا.

وفي الأسواق الناشئة، تبدو التحديات أكثر خطورة، إذ يشير البنك الدولي إلى أن العديد من أنظمة التقاعد في آسيا وأمريكا اللاتينية لا تزال غير ممولة بالكامل وتعتمد بشكل كبير على التحويلات الحكومية.

هذه المعطيات تجعل من فجوة التمويل في أنظمة التقاعد أزمة عالمية متنامية، لا تقتصر على بلد أو قارة، بل تشكّل تهديدًا عابرًا للحدود مع تداعيات اقتصادية واجتماعية عميقة وواسعة النطاق.

هل جيل الألفية الخاسر الأكبر؟

يشير تقرير صادر عن منتدى الاقتصاد العالمي إلى أن الأفراد من جيل الألفية يحتاجون إلى ادخار ما يقرب من 1.8 إلى 2.5 مليون دولار لضمان تقاعد مريح، نظرًا لاحتمال ارتفاع أعمارهم إلى ما بعد الثمانينيات.

ومع ارتفاع تكاليف السكن والتعليم والرعاية الصحية، فإن القدرة على الادخار لهذه المبالغ تبدو صعبة المنال، مما يضعهم في وضع أكثر هشاشة مقارنة بالأجيال السابقة.

فبحسب البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، فإن متوسط المدخرات التقاعدية للأسر التي يقودها شخص من جيل الألفية لا يتجاوز 40 ألف دولار حتى عام 2023، وهو فارق شاسع مقارنة بالمستوى المطلوب لتحقيق الأمان المالي بعد التقاعد.

وفي أوروبا، يواجه جيل الألفية تحديات مشابهة، إذ إن الكثير منهم يعمل في وظائف بعقود مؤقتة أو بدوام جزئي، ما يضعف قدرتهم على المساهمة في خطط التقاعد طويلة الأجل.

وفي الأسواق الناشئة، تتفاقم المخاطر، حيث تفتقر شريحة كبيرة من العمال إلى أي تغطية تقاعدية رسمية، مما يعني اعتمادًا شبه كامل على المدخرات الشخصية أو دعم الأسرة.

كما أن تأخر سن دخول جيل الألفية إلى سوق العمل بعد الأزمة المالية العالمية 2008، وتداعيات جائحة كوفيد-19 لاحقًا، قلّصت سنوات الادخار المتاحة أمامهم.

وهذا يجعلهم أكثر هشاشة من الناحية المالية مقارنة بجيل “طفرة المواليد” الذي استفاد من نمو اقتصادي قوي وأسواق عمل أكثر استقرارًا.

النتيجة أن جيل الألفية قد يكون بالفعل الخاسر الأكبر في معركة التقاعد، ليس فقط بسبب ضعف المدخرات، ولكن أيضًا لأنهم سيكونون الجيل الذي سيتحمّل كلفة إنقاذ أنظمة التقاعد الحالية عبر الضرائب أو تخفيض المزايا.

إصلاحات مطلوبة لتجنب الانهيار

أجمعت جهات دولية على أن إنقاذ أنظمة التقاعد العالمية يتطلب حزمة من الإصلاحات الجذرية، إذ لم يعد من الممكن الإبقاء على سن التقاعد كما هو خاصة مع ارتفاع متوسط الأعمار عالميًا.

لذلك، أوصت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية برفع سن التقاعد تدريجيًا بما يتناسب مع التحولات الديموغرافية، بحيث يعكس الواقع الجديد الذي بات فيه كثيرون يعيشون لعقدين أو أكثر بعد التقاعد.

هذا التغيير، وإن كان مثيرًا للجدل اجتماعيًا، يُنظر إليه كخيار لا مفر منه لتخفيف الضغوط المالية على أنظمة الضمان الاجتماعي.

إلى جانب ذلك، شدد البنك الدولي (2022) على أهمية تشجيع خطط الادخار الخاصة عبر تقديم حوافز ضريبية سخية للأفراد.

الدول التي لديها أفضل أنظمة تقاعد، وفقًا لمؤشر “ميرسر للمعاشات التقاعدية” لعام 2024 مقارنة بين 48 دولة

الترتيب

الدولة

القيمة الإجمالية

1

هولندا

84.8

2

أيسلندا

83.4

3

الدنمارك

81.6

4

سنغافورة

78.7

5

فنلندا

75.9

فالاعتماد على المعاش الحكومي وحده لم يعد كافيًا، خاصة مع تزايد التوقعات بأن أجيال المستقبل ستحصل على مزايا أقل، ومن خلال تعزيز ثقافة الادخار المبكر وربطها بمكافآت مالية وضريبية، يمكن خلق جيل أكثر استعدادًا للتقاعد.

كما حذّر صندوق النقد الدولي من أن اعتماد صناديق التقاعد على أدوات استثمارية محدودة يجعلها عرضة لتقلبات الأسواق، ولذلك دعا إلى تنويع المحافظ الاستثمارية، مما يعزز فرص تحقيق عائدات مستقرة طويلة الأجل.

إلى جانب هذه الخطوات، تبرز فكرة الأنظمة الهجينة التي تمزج بين مزايا الضمان الاجتماعي الحكومي والمعاشات الخاصة كأحد الحلول الأكثر واقعية.

في النهاية، يقف العالم أمام مفترق طرق حاسم، فإما أن تُتخذ إصلاحات جريئة تعيد التوازن إلى أنظمة التقاعد قبل أن تبتلعها موجة الشيخوخة ويقل عدد المساهمين فيها، أو مواجهة مستقبلًا يشيخ فيه الناس أسرع من مدخراتهم.

وبينما يتساءل جيل الألفية بقلق عمّا إذا كانوا سيرون ثمرة ما ادخروا يومًا، يبقى الخيار بيد الحكومات والمؤسسات اليوم، فالتقاعس لم يعد رفاهية، بل مخرج مؤكد لأزمة لا مفر منها.

المصادر: أرقام- صندوق النقد الدولي- المرصد المالي- منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية -مكتب الميزانية في الكونجرس الأمريكي- المنتدى الاقتصادي العالمي- البنك الدولي

اقرأ الخبر من المصدر

Must Read

- Advertisement -spot_img

Editor Picks

هل تحتاج مساعدة لاختيار الباقة الأنسب لك؟