لأول مرة في التاريخ، لم يعد الدين الأمريكي يحظى بأعلى تصنيف ائتماني لدى أي من الوكالات الرئيسية، بعدما جردت "موديز" البلاد من التصنيف “AAA” الذي يعني أكبر قدر ممكن من الموثوقية الائتمانية لدولة ما وتمتعها بوضع مالي جيد وقدرة عالية على سداد ديونها، في خطوة تاريخية تلقي بظلال من الشك على مكانة البلاد.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
تصنيف أمريكا من خلال الوكالات الثلاثة الرئيسية |
||
الوكالة |
التصنيف |
|
إس أند بي جلوبال ريتنجز |
هي الأولى التي انتزعت التصنيف الائتماني الأعلى من أكبر اقتصادات العالم، ففي 2011، خفضت تصنيف أمريكا من “AAA”، إلى “AA+”. |
|
فيتش ريتينجز |
في أغسطس 2023، خفضت تصنيف الولايات المتحدة إلى “AA+” مشيرة إلى المناوشات السياسية بشأن سقف الدين حينها. |
|
موديز |
حافظت "موديز" على أعلى تصنيف ائتماني لأمريكا منذ عام 1917، لكنها في السادس عشر من مايو 2025، خفضته درجة واحدة إلى “Aa1” – نفس تصنيف النمسا وفنلندا - مع قلقها بشأن قدرة الحكومة على سداد ديونها، موضحة أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة فشلت في عكس مسار العجز المتضخم. ركزت الوكالة في شرحها للقرار على الوضع المالي للبلاد، وقللت من شأن أمور أخرى مثل الانتقادات المتكررة من الرئيس "ترامب" لرئيس الفيدرالي "جيروم باول"، موضحة: رغم عدم اليقين السياسي نتوقع مواصلة أمريكا تاريخها الطويل من السياسة النقدية الفعالة للغاية بقيادة مجلس الفيدرالي المستقل. ويعكس القرار زيادة نسب الدين الحكومي ومدفوعات الفائدة على مدى أكثر من عقد، لتصل لمستويات أعلى بكثير من تلك التي سجلتها الدول ذات التصنيف المماثل. وذلك بعدما دقت ناقوس الخطر بشأن تدهور الوضع المالي في مارس، وخفضها رؤيتها بشأن الدين الأمريكي إلى سلبية في نوفمبر 2023، في خطوة تنذر غالبًا بخفض التصنيف في النهاية. لكنها غيرت نظرتها المستقبلية الحالية للديون الأمريكية إلى مستقرة، مشيرة إلى احتفاظ البلاد بقوة ائتمانية استثنائية مثل حجم اقتصادها ومرونته وديناميكيته، مع استمرار دور الدولار كعملة احتياط عالمية. ورغم ذلك توقعت الوكالة ارتفاع الدين الفيدرالي لحوالي 134% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2035، من 98% في 2024. |
اعتراض البيت الأبيض
انتقد البيت الأبيض ذلك القرار ووصفه بـ "السياسي"، مشيرًا لتركيزه الحالي على إصلاح فوضى "بايدن"، ووجه "ستيفن تشيونغ" المتحدث باسم "ترامب" انتقادًا لخبير "موديز" "مارك زاندي" متهمًا إياه بناقد مخضرم لسياسات الإدارة.
التوقيت
تأتي تلك الخطوة مع تزايد المخاوف بشأن المسار المالي لأمريكا، مع وصول الدين الوطني إلى 36 تريليون دولار، إلى جانب سعي الجمهوريون لصياغة مشروع قانون من شأنه تمديد التخفيضات الضريبية وإضافة أخرى جديدة، والذي من المتوقع أن يزيد عجز الميزانية بحوالي 3 تريليونات دولار خلال العقد المقبل.
خفض التصنيف بمثابة جرس إنذار |
||
المسؤول |
التعليق |
|
الديمقراطي "بريندان بويل" المسؤول بلجنة الميزانية في مجلس النواب |
هذا الخفض بمثابة تحذيرًا مباشرًا: آفاقنا المالية تتدهور، والجمهوريون في مجلس النواب عازمون على مفاقمتها. |
|
الجمهوري "فرينش هيل" رئيس لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب |
خفض التصنيف بمثابة تذكير قوي بأن الوضع المالي لبلادنا ليس على ما يرام. مضيفًا أن الجمهوريين في مجلس النواب ملتزمون باتخاذ خطوات لاستعادة الاستقرار المالي ومعالجة العوامل الهيكلية المحفزة للديون وتعزيز بيئة اقتصادية داعمة للنمو. |
|
"ستيفن جراي" كبير مسؤولي الاستثمار لدى "جراي فاليو مانجمنت" |
هذا القرار هو تتويج لسنوات طويلة من سوء الإدارة المالية، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر إدارة "ترامب". |
ماذا يعني خفض التصنيف؟
يعتبر المستثمرون الدين الأمريكي أكثر الملاذات أمانًا، لكن خفض التصنيف يعني فقدانه بعضًا من بريقه، ويرى خبراء أن ذلك قد يفاقم الضرر الذي تسببه الحرب التجارية الحالية، وقد يدفع المستثمرين العالميين على رفع علاوة السعر التي يطلبونها لشراء الديون الأمريكية، مما يدفع عوائد السندات، ويؤثر سلبًا على النمو ومعنويات السوق.
هل يمكن العودة للمكانة الأعلى؟
أوضحت "موديز" أن زيادة الإيرادات الحكومية أو خفض الإنفاق قد يعيدان التصنيف الائتماني الأعلى، وهو ما تستهدفه إدارة "ترامب" بالفعل من خلال إدارة كفاءة الحكومة بقيادة "إيلون ماسك" والتي تسببت في تسريح آلاف من الموظفين بالحكومة الفيرالية.
التأثير على السوق
يرى الخبير الاقتصادي "محمد العريان" أن هذا القرار التاريخي سيكون تأثيره محدودًا على السوق، رغم هبوط "إس أند بي 500" بأكثر من 6% يوم التداول التالي لقرار "ستاندرد أند بورز" بأول تجريد لأمريكا من تصنيفها المتميز ثم سرعان ما تعافى، وتراجع السوق أيضًا في 2023 بعد قرار "فيتش".
الخلاصة
ربما يمثل ذلك القرار التاريخي صدمة إضافية في وقت تشوبه حالة من عدم اليقين، خاصة مع تزايد عجز الميزانية الفيدرالية الذي يقرب تريليوني دولار سنويًا أي أكثر من 6% من الناتج المحلي الإجمالي، إلى جانب ارتفاع الفائدة الذي عزز تكلفة خدمة الدين الحكومي، فهل يدفع جرس الإنذار "ترامب" لتعديل سياساته؟
المصادر: أرقام – موديز - بلومبرج – بي بي سي – وول ستريت جورنال – سي إن إن – الجارديان – فاينانشال تايمز
يمكن إضافة كل قالب في مكتبة الاستوديو الخاصة بنا المتنامية باستمرار وتحريكه داخل أي صفحة بسهولة بنقرة واحدة.